هبة بريس – شفيق عنوري
اعتبرت دراسة إسبانية حديثة أن المبالغة في تصوير جودة الحياة في أوروبا من قبل بعض الشباب، واحدة من أبرز الأسباب التي تغري المواطنين المغاربيين للهجرة نحو الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط.
وسلطت الورقة البحثية التي أعدها خوسيه إغناسيو كاندون مينا أستاذ بجامعة إشبيلية بمشاركة الطالبة ماريا غيفارا، والتي أورد تفاصيلها موقع “elpueblodeceuta” الضوء على تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على دفع الشباب المغاربة والأفارقة بشكل عام للهجرة، وذلك من خلال بناء تصورات مبالغ فيها عن الحياة في إسبانيا وأوروبا.
ونبهت الورقة البحثية المعنونة بـ”تأثير الشبكات الاجتماعية على تصورات القاصرين المهاجرين المغاربة عن إسبانيا”، إلى قوة المنصات الرقمية في دفع الشباب المغاربيين للمجازفة للقيام برحلتهم من البلد المجاور للهروب من “الواقع الصعب” الذي يعيشونه، متابعةً أن “مضيق جبل طارق هو الحدود الأكثر تفاوتا في العالم”.
وأوضحت الورقة أنه “من خلال الشبكات الاجتماعية يمكنهم رؤية، ولو بصورة مثالية، الفرق بين هذه الكيلومترات القليلة التي تفصل المغرب عن إسبانيا”، متابعةً أن الشباب “يبالغون في تصور الحياة في إسبانيا، ويتأثرون بهذه التصورات المبالغ فيها، لكن الأساس هو الوضع المؤسف الذي يعيشونه: بلا مستقبل أو توقعات”.
وأشارت الورقة البحثية إلى أنه يكفي “تعليم” خوارزمية “تيك توك” لبضع دقائق في سبتة لفهم أن “ظاهرة الهجرة أكثر حضورا من أي وقت مضى على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تنشر يوميا مئات الفيديوهات لشباب مغاربيين يسبحون بمعدات الغوص، أو قاصرين من إفريقيا جنوب الصحراء يخططون لعبور الأسوار، أو لشباب وصلوا إلى المدينة المستقلة ويشرحون عبر المنصات المختلفة خطوات ما يجب القيام به عند وصولهم إلى إسبانيا”.
تضاف إلى هذه “الدروس التعليمية” حول كيفية “تسلق الأسوار أو الفيديوهات التي تظهر المسافة من الفنيدق إلى سبتة عبر ترخال”، ما أسمته الورقة بـ”إنجازات” مثل الشاب المغربي الذي سبح إلى الجزر الجعفرية أو القاصرين الجزائريين السبعة الذين استمتعوا بوصولهم إلى إيبيزا وهم يغنون تقول “لن أعود” مراراً”.
وأشار كاندون إلى أن الفيديوهات المنتشرة على “السوشيال ميديا” مؤخرا، تتجنب “عرض معاناة كل مراهق بعد الوصول إلى الأراضي الإسبانية أو الأوروبية”، وهو ما يزيد من تشجيع الشباب على التفكير في الهجرة، مدفوعين بــ”الوضع الهش للشباب في إفريقيا (…)، وهو ما يعد من أبرز العوامل التي تبرز تغير ظاهرة الهجرة منذ ظهور المنصات الرقمية وقنوات المعلومات الجديدة التي تتجاوز الوسائل التقليدية التي لم تعد تصل إلى الشباب”.
وأضاف كاندون أن أسباب ما حدث مع “ابن النسناس” والقاصرين السبعة، تعود من جهة إلى نقص الرقابة في بعض المناطق تحت السيادة الإسبانية، ومن جهة أخرى إلى “الحرية المطلقة” التي تسمح بها وسائل التواصل الاجتماعي لبث الأحداث مباشرة أمام آلاف المتابعين، ما يضع أمن الأراضي الوطنية وحدودها على المحك”.
وأعرب كاندون، في هذا السياق، عن بعض الشكوك حول اتخاذ إجراءات محددة تجاه بعض المنشورات”، قائلاً إن “الشبكات الاجتماعية وسيلة تواصل، والتحكم فيها قد يؤدي إلى الرقابة، ما يحدث هو أنها، المسيطرة عليها من مصالح خاصة وخوارزميات تسعى للفت الانتباه، تعزز الاستقطاب وانتشار المحتوى المثير”.
وبالرغم من ذلك، يقول الأستاذ بجامعة إشبيلية، إن هناك أدوارا إيجابية أخرى لمواقع التواصل الاجتماعي، من ضمنها تلك الفيديوهات التي يتم نشرها من قبل عدد من الأشخاص وتحصل على آلاف الإعجابات، ويكون مضمونها شرحاً للخطوات الواجب اتباعها عند الوصول إلى إسبانيا.
واختتم كاندون بحثه بالتأكيد على أن “السوشيال ميديا” تسمح لـ”الشباب عند صولهم إلى إسبانيا، بالاتصال بمجتمعهم، والوصول إلى معلومات مفيدة، والحصول على الدعم”، مؤكداً أن الهجرة كانت دائماً تعمل “من خلال المجتمعات، والشبكات الاجتماعية تعزز هذا المنطق”.