يبدو أن النظام الجزائري يحاول مرة أخرى استغلال ملف الذاكرة لابتزاز باريس في خضم الأزمة الدبلوماسية المتفاقمة معها، إذ أعاد إلى الواجهة قضية التفجيرات النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية خلال ستينيات القرن الماضي، وذلك عبر إدراجها ضمن أشغال الدورة التاسعة والستين للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا.
النظام الجزائري يوظف الملف سياسيا
وخلال المؤتمر، عرضت الجزائر لأول مرة فيلماً وثائقياً رسمياً يتضمن مشاهد حديثة من مواقع التفجيرات النووية وشهادات لضحايا وخبراء، تزعم استمرار التأثيرات على الصحة والبيئة. وقدمت هذه الخطوة على أنها محاولة لـ“لفت أنظار العالم” إلى ما تعتبره تداعيات ممتدة للتجارب النووية على الأجيال الحالية والقادمة.
وتطالب الجزائر المجتمع الدولي بفتح الأرشيف المرتبط بالتجارب النووية التي جرت ما بين 1960 و1966 في مناطق رقان وعين إكر والحمودية، بما يشمل الخرائط الخاصة بدفن النفايات والمعدات الملوثة ورفع السرية عن الوثائق العسكرية ذات الصلة. غير أن المتابعين يعتبرون أن النظام الجزائري يوظف هذا الملف سياسياً أكثر مما يعالجه إنسانياً أو قانونياً.
مناورة عابرة للنظام الجزائري ضد فرنسا
وترى الجزائر أن إدراج الملف ضمن أجندة الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد يفتح الباب أمام متابعته في أطر دولية أوسع، كالأمم المتحدة أو محاكم دولية، في خطوة تبدو أقرب إلى ورقة ضغط جديدة على باريس منها إلى مسعى حقيقي لإنصاف الضحايا أو معالجة آثار التلوث الإشعاعي.
ويخشى مراقبون أن يتحول كل هذا الضجيج إلى مجرد مناورة عابرة، حيث يرجحون أن نظام العسكر قد يتراجع عن إثارة الملف بمجرد عودة “الود السياسي” مع فرنسا، حيث يعتبرون أن ما يحرّك المسؤولين الجزائريين ليس الدفاع عن الذاكرة الوطنية ولا حماية الأجيال القادمة، بل حسابات ظرفية لا تصمد أمام أول صفقة مصالح مع باريس.