الإعلام شريك في التنمية.. دعوة ملكية لتعزيز أدوار التوعية والتحسيس

حجم الخط:

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

في خطابٍ وُصف بالواضح والدقيق، دعا الملك محمد السادس، خلال افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، عصر اليوم الجمعة 10 أكتوبر الجاري، جميع الفاعلين في المشهد الوطني، من أحزاب سياسية ومؤسسات منتخبة ومجتمع مدني وإعلام، إلى الانخراط الجدي والمسؤول في الدينامية التنموية التي يشهدها المغرب. وهي دعوة تكشف عن وعي عميق بأهمية العمل التشاركي، وتُبرز موقع الإعلام كفاعل محوري في هذا الورش الوطني.

– الإعلام: من ناقل للخبر إلى محفّز على التغيير

لقد تحرر الإعلام منذ سنوات من صورته التقليدية كمجرّد ناقل للمعلومة، وأصبح اليوم أداة استراتيجية للمرافعة من أجل قضايا التنمية، والتحفيز على التغيير الاجتماعي، وترسيخ قيم المواطنة.

فالإعلام، بوسائطه المختلفة، يمتلك قدرة هائلة على التأثير في الرأي العام، وتوجيه السلوك الجمعي، وصناعة الوعي.

في هذا السياق، تأتي الدعوة الملكية لتُحمّل الإعلام مسؤولية مضاعفة: ليس فقط الإخبار، بل التوعية، والتحسيس، والانخراط في تربية المواطن على الانخراط الإيجابي في جهود التنمية، بما ينسجم مع رهانات البلاد الكبرى، من تعزيز العدالة المجالية، وتحقيق النمو الاقتصادي، إلى توسيع الحقوق الاجتماعية والثقافية.

– الإعلام التنموي: بين الإكراهات والرهانات

رغم بعض التجارب الناجحة في الإعلام التنموي، إلا أن المشهد الإعلامي الوطني ما زال يعاني من إكراهات حقيقية تحول دون تحقيق الانخراط الكامل في قضايا التنمية. من بين هذه الإكراهات: التركيز على الإثارة والسطحية، ضعف التكوين المتخصص في قضايا التنمية، غياب الشراكات المؤسساتية، إضافة إلى محدودية التمويل الموجه للإعلام المحلي والجهوي الذي يُفترض أن يكون الأقرب إلى هموم المواطنين.

غير أن الرهان اليوم، في ضوء الدعوة الملكية، هو الانتقال نحو نموذج إعلامي جديد، يزاوج بين المهنية العالية، والحس الوطني، والقدرة على المساهمة في ترسيخ ثقافة النتائج، وتحفيز الفاعلين المحليين على تحمل المسؤولية، وتجاوز منطق الحسابات الضيقة.

– الإعلام كوسيط للتنمية المحلية

من أبرز أدوار الإعلام اليوم، خصوصًا في السياق المغربي، دوره كوسيط بين المواطن وصانع القرار، وكآلية لمتابعة السياسات العمومية، وتقييم أثرها ميدانيًا. لذلك، فإن تعزيز الإعلام الجهوي والمحلي بات ضرورة استراتيجية، لأنه الأقرب إلى المواطن، والأقدر على ترجمة انتظاراته، وتسليط الضوء على مكامن الخلل والنقص، بل وخلق جسور الثقة بين الفاعلين المحليين والمجتمع.

– نحو ميثاق إعلامي للتنمية

انطلاقًا من هذه المعطيات، تبدو الحاجة ملحة اليوم إلى بلورة ميثاق وطني للإعلام التنموي، يُحدد الأدوار والمسؤوليات، ويُشجع على إنتاج محتوى إعلامي يواكب المشاريع التنموية الكبرى، ويُعزز روح المواطنة الفاعلة. كما ينبغي تشجيع المبادرات الإعلامية المواطِنة، وتوفير الدعم والتكوين للإعلاميين في مجالات مثل التغير المناخي، والمجال القروي، والعدالة الاجتماعية، والابتكار.