هبة بريس ـ ياسين الضميري
وضع مشروع قانون المالية لسنة 2026 القطاعات الاجتماعية في قلب أولوياته، استمرارا في تنفيذ الورش الملكي لبناء الدولة الاجتماعية، وترجمة لالتزام الحكومة بجعل المواطن محور السياسات العمومية.
ويؤكد المشروع أن تحقيق التنمية الشاملة لا يمكن أن يتم دون استثمار حقيقي في الإنسان، عبر تعزيز الإنفاق على التعليم والصحة والحماية الاجتماعية باعتبارها ركائز العدالة المجتمعية والاستقرار.
و أولى مشروع قانون المالية اهتماما خاصا لقطاع التعليم، باعتباره مفتاح التنمية وأداة لتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية.
وقد تم تخصيص اعتمادات مالية مهمة لتعميم التعليم الأولي وتحسين جودة التعلمات في مختلف المستويات، إلى جانب دعم تكوين الأساتذة وتأهيل المؤسسات التعليمية، خصوصا في المناطق القروية والجبلية.
كما يتضمن المشروع إجراءات لمكافحة الهدر المدرسي وتعزيز الدعم الاجتماعي للتلاميذ، من خلال توسيع برامج النقل المدرسي والإطعام، وتقديم منح إضافية لفائدة المتفوقين من الفئات الهشة.
ويراهن المغرب من خلال هذه الاستثمارات على بناء جيل قادر على المساهمة في الاقتصاد الوطني وتحقيق التحول الرقمي والمعرفي المنشود.
أما في قطاع الصحة، فقد واصل مشروع قانون المالية تنفيذ الورش الكبير لتعميم التغطية الصحية على جميع المواطنين، مع التركيز على تحسين جودة الخدمات وتوسيع العرض الصحي.
ويتضمن المشروع تمويلا إضافيا لبناء وتجهيز المستشفيات الجهوية والمحلية، وتوفير الموارد البشرية الطبية وشبه الطبية، إلى جانب تحفيز الأطر الصحية على العمل في المناطق النائية.
كما ينتظر أن يشهد العام 2026 إطلاق جيل جديد من برامج الرعاية الصحية الأساسية، تركز على الوقاية والعلاجات الأولية، وعلى دعم الأمومة والطفولة، انسجاماً مع الرؤية الملكية لإصلاح المنظومة الصحية الوطنية.
و يشكل تعميم الحماية الاجتماعية أحد أكبر التحولات الاجتماعية في تاريخ المغرب الحديث، ويأتي مشروع قانون المالية 2026 لتسريع هذا الورش الطموح.
ويتجه المشروع إلى استكمال تعميم التقاعد والتعويضات العائلية لفائدة الأسر غير المشمولة، مع تعزيز آليات تمويل الصندوق الموحد للحماية الاجتماعية، بما يضمن ديمومته واستقراره المالي.
كما تواصل الحكومة إصلاح نظام الدعم المباشر الموجه للأسر المعوزة، عبر استهداف أكثر دقة وشفافية، وتوسيع قاعدة المستفيدين وفق معايير موضوعية مستندة إلى السجل الاجتماعي الموحد.
و لا يقتصر المشروع على رفع الميزانيات المرصودة، بل يعتمد مقاربة مندمجة تقوم على التنسيق بين مختلف القطاعات الوزارية لتحقيق الأثر الاجتماعي المنشود.
ويراهن على تحقيق التوازن بين الإنفاق الاجتماعي والنجاعة المالية، من خلال تتبع مؤشرات الأداء وقياس أثر البرامج على المعيش اليومي للمواطنين.
و يؤكد مشروع قانون المالية لسنة 2026 أن بناء الدولة الاجتماعية ليس مجرد شعار، بل خيار استراتيجي يروم تمكين المواطن من مقومات العيش الكريم.
ومن خلال توجيه الجزء الأكبر من الإنفاق نحو التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، يواصل المغرب ترسيخ نموذج تنموي قائم على الإنسان، وعلى قيم التضامن والتكافؤ والاستدامة.