هبة بريس
تستعد الجزائر، مرة أخرى، لتكرار سلوكها المعزول داخل أروقة الأمم المتحدة، وذلك بالانسحاب للمرة الثانية على التوالي من جلسة مجلس الأمن المقررة في 30 أكتوبر الجاري، المخصصة للتصويت على القرار الجديد حول الصحراء المغربية، بعدما أدركت أن الكفة تميل بشكل واضح لصالح مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به المملكة سنة 2007، باعتباره الحل الوحيد الواقعي والعملي لإنهاء النزاع المفتعل.
فشل الدبلوماسية الجزائرية
وتحاول الدبلوماسية الجزائرية التغطية على فشلها الدبلوماسي المتواصل بتسريب الخبر إلى وسائل إعلام تابعة للنظام، لتبدو كأنها صاحبة قرار مبدئي، بينما الواقع يؤكد أن الجزائر وجدت نفسها معزولة داخل مجلس الأمن، بعدما باتت الدول المؤثرة، بما فيها الأعضاء الدائمون، مقتنعة تماماً بجدية ومصداقية المقترح المغربي.
صحيفة “الخبر” الجزائرية، بدورها، نقلت الرواية الرسمية للنظام العسكري، مدعية أن الجزائر “قد لا تصوت على القرار الأممي” في حال تضمن اعترافاً صريحاً بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، في محاولة يائسة لإعادة إحياء فكرة “الاستفتاء” التي تجاوزها الزمن ورفضها المجتمع الدولي بشكل قاطع.
وتذرعت الصحيفة بمصادر مزعومة في نيويورك، لتكرار الأسطوانة القديمة حول ما تسميه “الشرعية الدولية”، متناسية أن قرارات مجلس الأمن الأخيرة كلها أغلقت الباب نهائياً أمام هذه الأطروحات المتقادمة، وأكدت أن الحل الواقعي والوحيد هو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
فقدان الجزائر لأي تأثير داخل المنتظم الدولي
ولم تكتف الدبلوماسية الجزائرية بالعزلة، بل هاجمت مجدداً الدول الداعمة للمغرب، مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، متهمة إياها بـ”الضبابية”، في تعبير واضح عن تخبط دبلوماسي يعكس فقدان الجزائر لأي تأثير داخل المنتظم الدولي، رغم محاولاتها الدائمة توظيف أموال النفط والغاز لشراء المواقف.
الجزائر كانت قد لجأت إلى نفس الأسلوب السنة الماضية، حين انسحب سفيرها لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، من جلسة مماثلة لمجلس الأمن، احتجاجاً على قرار تمديد مهمة بعثة “المينورسو”، بعدما فشلت في تمرير مقترحها لتوسيع صلاحيات البعثة لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، وهو المقترح الذي رفضته جميع القوى الكبرى.
وبذلك، يتأكد مجدداً أن الجزائر، بدل أن تنخرط في مسار الحل السياسي الذي يقوده المغرب بدعم دولي متزايد، تواصل الهروب إلى الأمام بسياسات عقيمة لا تجلب لها سوى العزلة والحرج أمام العالم.