هبة بريس _ متابعة
طالبت منظمة المرأة العاملة والمقاولة بالمغرب، اليوم الجمعة، بفتح تحقيق قضائي للوقوف على كافة ملابسات حادثة تعرض عاملة منزلية شابة لحروق متفاوتة الخطورة بعد يومين من بدء عملها لدى إحدى الأسر بمدينة القنيطرة، قبل أن تقتاد لاحقا إلى ولاية الأمن، عقب وشاية وُصفت بـ”الكاذبة” تتهمها بالسرقة.
وقالت منظمة المرأة العاملة والمقاولة بالمغرب، إن الشابة التي تبلغ حوالي اثنين وعشرين سنة وتنحدر من أسرة فقيرة، “التحقت بتاريخ 08 شتنبر 2025 للعمل كعاملة منزلية لدى إحدى الأسر بمدينة القنيطرة، قبل أن تتعرض بعد يومين فقط من التحاقها، أي في 10 شتنبر الجاري، لحادثة منزلية خطيرة تسببت لها في حروق بليغة على مستوى الوجه وأجزاء واسعة من جسدها، لتجد نفسها – بدل أن تحظى بالإسعاف الفوري والنقل إلى المستشفى – مطرودة من بيت المشغل وهي في وضع صحي حرج، الأمر الذي يشكل انتهاكًا صارخًا لأبسط قواعد الإنسانية ومبادئ الحماية القانونية التي يكفلها الدستور والقانون”.
وأضافت المنظمة أن “الأدهى من ذلك، أنه وفي مساء اليوم نفسه جرى اقتياد الضحية من طرف رجال الأمن إلى ولاية أمن القنيطرة، استنادًا إلى وشاية كاذبة تتهمها بالسرقة، ليتم الاستماع إليها رغم حالتها الصحية المتدهورة، قبل أن يتم إخلاء سبيلها في اليوم الموالي، في سابقة تعكس بوضوح حجم المعاناة المركبة التي طالت كرامتها وحقها في الحياة والصحة والإنصاف”.
وأعربت المنظمة النسائية عن تضامنها المطلق مع هذه الشابة، معتبرةً أن ما جرى، يمثل “مساسًا خطيرًا بالحقوق الدستورية المكفولة لكافة المواطنات والمواطنين، وخاصة الفصل 22 الذي يضمن الحق في الكرامة والحماية من المعاملة المهينة، والفصل 31 الذي يضمن الحق في الصحة والعلاج”، و”خرقًا واضحًا لمقتضيات القانون 19.12 المتعلق بالعمال المنزليين ولمدونة الشغل التي تلزم المشغل باتخاذ كافة تدابير الوقاية وتوفير العلاج في حالة وقوع الحوادث”.
واعتبرت الهيئة نفسها، أن الواقعة تشكل “انتهاكًا صريحًا للالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق الإنسان، وفي مقدمتها اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 189 بشأن العمل اللائق للعمال المنزليين، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذا اتفاقية مناهضة التعذيب التي تحظر كل أشكال المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”.
وطالبت المنظمة بـ”فتح تحقيق قضائي عاجل ونزيه للوقوف على كافة ملابسات هذه النازلة الخطيرة وترتيب المسؤوليات القانونية في حق كل من ثبت تورطه، سواء بالإهمال أو بالفعل المباشر”، و”ضمان التكفل الفوري بالعلاج الطبي والنفسي للضحية، على نفقة الدولة أو على نفقة المشغل، باعتبار ذلك التزامًا قانونيًا وأخلاقيًا”، مع “تمكين الضحية من المؤازرة القضائية المجانية، بالنظر إلى وضعها الاجتماعي الهش، حتى يتسنى لها ممارسة حقها في الدفاع والولوج إلى العدالة على قدم المساواة”.
ودعت المنظمة إلى “تفعيل مقتضيات الحماية القانونية الخاصة بالعمال المنزليين بشكل عملي وملموس، بما يضع حدًا لظاهرة الإفلات من العقاب التي تشجع بعض المشغلين على الاستهتار بالقوانين”، و”تعزيز الرقابة المؤسساتية والمجتمعية على ظروف عمل وإقامة العاملات والعمال المنزليين، باعتبارهم إحدى الفئات الأكثر هشاشة وتعرضًا للاستغلال”.
وفي ختام بيانها، استنكرت المنظمة، بشدة، “الواقعة المروعة”، داعية “كافة الهيئات النسائية والنقابية والحقوقية والمدنية، محليًا ووطنياً، إلى تشكيل جبهة تضامن واسعة إلى جانب هذه الشابة إلى حين جبر الضرر وإنصافها ومحاسبة المتورطين، بما يعكس وحدة الصف المجتمعي في مواجهة الانتهاكات الماسة بالكرامة الإنسانية، ويؤكد الإرادة الجماعية في حماية الفئات الهشة وصون الحقوق الأساسية للمرأة العاملة”.