في ليلة كروية مجنونة ستبقى راسخة في ذاكرة المغاربة، خطف المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة بطاقة التأهل إلى مونديال الشباب بعد فوزه المثير على المنتخب الفرنسي بركلات الترجيح، في مباراة عرفت كل معاني الدراما والإثارة، وأبرزت بطلاً غير متوقّع: عبد الحكيم المصباحي، الحارس الثالث لـ”أشبال الأطلس”.
المباراة التي احتضنها ملعب “سانتياغو ديل إستيرو” كانت تسير نحو نهاية عصيبة، بعدما اضطر المدرب محمد وهبي إلى إجراء تغيير اضطراري إثر إصابة الحارس الأساسي يانيس بن شاوش في الشوط الثاني، ليُشرك الحارس الثاني إبراهيم غوميز. غير أن المفاجأة الكبرى كانت في الدقائق الأخيرة من اللقاء، حين قرّر وهبي المخاطرة والدفع بالحارس الثالث عبد الحكيم المصباحي خصيصاً من أجل ركلات الترجيح!
قرارٌ بدا غريباً في لحظته، لكنه تحوّل إلى ضربة عبقرية سيُكتب عنها طويلاً. فالمصباحي، ابن فريق الجيش الملكي المغربي، دخل أرضية الملعب بثقة الكبار رغم أنه لم يشارك في أي دقيقة من البطولة.
وخلال ركلات الترجيح، أظهر المصباحي رباطة جأش استثنائية ودهاءً تكتيكياً نادراً؛ إذ استغل لحظات انشغال الحكم بتحذير حارس فرنسا أو توجيه لاعبي “الديوك”، ليقترب بخطوات مدروسة من المسددين الفرنسيين، فيربكهم نفسياً ويُطيل من زمن تنفيذ الركلة.
النتيجة؟ فرنسا ضيّعت الركلتين الثانية والخامسة، والمغرب احتفل بإنجاز تاريخي جديد.
هذا المشهد سيظل محفوراً في ذاكرة الجماهير: حارس ثالث لم يلمس الكرة طيلة البطولة، ينزل في آخر ثانية من المباراة، في وقت يغلي فيه الملعب توتراً وضغطاً، ليصنع المجد ويقود بلاده إلى نهائي الحلم.
عبد الحكيم المصباحي لم يكن مجرد حارس مرمى في تلك الليلة؛ كان رمزاً للإيمان بالفرصة، ولأن العمل والصبر لا يضيعان مهما تأخرا.
وبفضل شجاعته وذكائه، كتب فصلاً جديداً في قصة تألق الكرة المغربية، التي تواصل إبهار العالم بطموحها وروحها القتالية.