خبير دولي: الصيد البحري المغربي قطاع استراتيجي منظم وواعد يفتح آفاقاً جديدة

حجم الخط:

هبة بريس – الرباط

اعتبر الخبير الدولي في مجال الصيد البحري وتربية الأحياء المائية، الدكتور محمد بادير، أن قطاع الصيد بالمغرب يشكل ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني ورافعة قوية للاقتصاد الأزرق الإفريقي، مؤكداً أن الحديث عن “انهيار” هذا القطاع لا يستند إلى معطيات علمية دقيقة، بل يتجاهل الجهود المبذولة والإصلاحات الهيكلية الجارية رغم التحديات الكبيرة المطروحة.

وأوضح الدكتور بديع، الأستاذ السابق بالمعهد الزراعي والبيطري الحسن الثاني والخبير الأممي، أن السياسات الحالية للصيد البحري في المغرب مبنية على أسس علمية صلبة، بفضل الدراسات الميدانية التي ينجزها المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، المدعوم بكفاءات وطنية عالية وتجهيزات بحث متقدمة تشمل سفن مختصة ومراكز جهوية.

وأشار إلى أن القوانين المنظمة تضمن استدامة الثروة السمكية، عبر إجراءات عملية من بينها، فرض فترات الراحة البيولوجية، و تحديد حصص الصيد حسب نوعية المصايد، ومنع بعض معدات الصيد المدمرة، وأيضا المراقبة عبر الأقمار الصناعية (VMS) لمنع الصيد غير القانوني، وإنشاء مناطق بحرية محمية لحماية الأنواع المهددة.

وأكد الخبير أن مستقبل القطاع يعد واعداً، خصوصاً بعد أن تمكن المغرب لأول مرة من توقيع اتفاقيات لتصدير الأسماك إلى السوق الأمريكية، التي تعد الأكبر والأكثر صرامة في معايير الجودة عالمياً. معتبراً أن هذه الخطوة تمثل “قفزة نوعية تعكس المجهودات الكبيرة التي بُذلت في مجال التثمين والجودة والرقابة”.

و في ظل شهادات الاعتراف المتقاطرة للعديد من البلدان المتقدمة والهيئات الدولية المختصة بشأن مطابقة المصايد المغربية للمعاييرالدولية سواء تعلق الأمر بالمراقبة أو المحافظة على الأصناف البحرية أو جودة المنتوج أو الترسانة القانونية أو إعتماد التدابير المتعلقة بحماية الثروة السمكية، ويذكر الخبير على الخصوص الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بالولايات المتحدة الأمريكية، منظمة الأغذية والزراعة، منظمة الإيكات، الهيئة الأوروبية لمصايد الأسماك…إلخ

كما أوصى الدكتور بديع بتوسيع اعتماد تقنيات حديثة مثل التجميد السريع (IQF)، لما له من دور في تسهيل الولوج إلى الأسواق العالمية، خاصة في أمريكا الشمالية وأوروبا، مؤكداً أن هذا النوع من التثمين سيسمح بتسويق السردين والماكرو بأسعار مرتفعة، وهو ما يعزز مداخيل العملة الصعبة ويخدم الأمن الغذائي المحلي.

وتوقف الخبير عند تجربة المغرب في تدبير بعض المصايد الحساسة مثل الأخطبوط، حيث جرى تقليص عدد القوارب بشكل كبير وتحديد مناطق الصيد وعدد الأدوات المستعملة، وهو ما ساهم في إعادة التوازن للمخزون.

كما أبرز أهمية توجه الوزارة نحو استبدال أواني الصيد البلاستيكية بأخرى فخارية في مصايد الأخطبوط، معتبراً أن ذلك سيقلص من التلوث البلاستيكي ويدعم جاذبية المنتوج المغربي في الأسواق الدولية وهو فعلا ما أنكبت كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري في تنزيله.

وأشار الدكتور بادير أن الجهود المبذولة على مستوى مراقبة المصايد قد مكّنت من تحقيق قفزة نوعية في محاربة الصيد غير القانوني، غير المصرح به وغير المنظم وبات بلدنا يُصنّف اليوم ضمن البلدان المتقدمة في هذا المجال، بفضل تنزيل البرنامج الوطني للمراقبة ليشمل جميع السواحل المغربية ومراقبة سفن الصيد عبر الأقمار الصناعية حيث سجل أن التطور الإيجابي للمؤشرات المسجّلة على مستوى الإنتاج والتصدير لخير دليل على فعالية نظام المراقبة، حيث عرف الإنتاج السمكي من حيث الحجم نمو سنوي متوسط بنسبة 1،7% بين 2010 و2023، منتقلاً من 1،14 مليون طن إلى 1،42 مليون طن؛ كما عرف الإنتاج السمكي من حيث القيمة نمو سنوي متوسط بنسبة 6،6% خلال الفترة 2010ء2023، منتقلاً من 6،7 مليار درهم إلى 15،2 مليار درهم؛ والصادرات من حيث القيمة بنمو سنوي متوسط بنسبة 6،7% خلال الفترة 2010ء2023، منتقلة من 13،2 مليار درهم إلى 31 مليار درهم.

وفي ختام تشخيصه، أعرب الدكتور بديع عن تفاؤله بمستقبل القطاع، مؤكداً أن المغرب يتوفر اليوم على الكفاءات والآليات الكفيلة بضمان صيد مستدام، رغم بعض التحديات المتعلقة بالتغيرات المناخية أو بممارسات غير قانونية تقوم بها أقلية من الفاعلين.

وتعزز هذه الرؤية المعطيات الأخيرة الخاصة بقطاع الصيد اليحري ببلادنا، بحيث يوفر 264 ألف منصب شغل مباشر وحوالي 650 ألف منصب غير مباشر، كما ساهم في تحقيق صادرات بقيمة 28,8 مليار درهم سنة 2024، أي ما يعادل 6% من مجموع الصادرات الوطنية.

تجدر الإشارة أن معدل تغطية المصايد بمخططات التدبير ارتفع من 5% سنة 2009 إلى 96% سنة 2020، وهو ما يؤكد نجاح المغرب وفق إحصائيات وزارة الصيد البحري في ترسيخ مقاربة تقوم على التنمية المستدامة وحماية الموارد البحرية،

الدكتور محمد بادير حاصل على شهادة دكتورة الدولة سنة 1986 بجامعة ميشكان بالعلاقات المتحدة الأمريكية التى تعتبر من أرقى الجامعات.وحاصل على 2 شهادات ماستر: فى مجال الصناعات السمكية بمدينة رين الفرنسية سنة 1979,و 1ماستر او مهندس دولة فى تربية الحياء الماءية بمعهد الحسن الثانى للزراعة والبيطرة فى الرباط سنة 1980.

و شغل عدة وظائف من بينها استاد جامعى بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة وخبير دولى لمدة 20 سنة اشرف خلالها على عدة مشاريع تنموية ناجحة فى مجال المصايد السمكية و تربية الأحياء الماءية فى عدة دول فى أفريقيا و الشرق الأوسط مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية التابع للأمم المتحدة كما درس فى جامعة مونتريال بكندا فى الدراسات العليا للتجارة (HEC).