أزمة القطاع الصحي بين تقارير لجان تفتيش وأثرها على مستوى الميدان

حجم الخط:

محمد منفلوطي_هبة بريس

انفجرت في الآونة إشكالات عدة تتعلق بأزمة اقطاع الصحي بمعظم المراكز الاستشفائية بوطننا الحبيب، وصارت مطالب شريحة واسعة من المواطنين تُختزل في المطالبة بتدخل عاجل وصارم من قبل الوزارة الوصية على القطاع لانقاذ الموقف، وبين هذا وذاك، يتساءل آخرون عن مآل التقارير التي نقلتها لجان التفتيش التي زارت هذه المؤسسات الاستشفائية التي كانت محط نقاش واحتجاج حول واقع المنظومة الصحية وضرورة الإسراع بمعالجة الوضع بما يضمن الحق في العلاج على قدم وساق.

لا يُنكر ذلك إلا جاحد، بأن هناك مجهودات في هذا الباب تبذل للرفع من جودة الخدمات، لكن أثرها على أرض الواقع لازال تعترضه الكثير من النواقص منها ما له علاقة بقلة الموارد البشرية واللوجستيكية، ومنها ما يُرتبط بضعف البنيات التحتية للعديد من المراكز الاستشفائية والصحية وخاصة بالقرى النائية، ومنها ما يتعلق بغياب رقابة صارمة من قبل الوزارة الوصية على القطاع في ظل تعطل أدوار بعض من لجان التفتيش أحيانا الذي لا ترقى إلى المستوى المطلوب في تطبيق مبدأ ربط المسؤولية والمحاسبة.

مستوصفات ومستشفيات لا تحمل سوى الإسم

لا يختلف اثنان عن كون بعض المستشفيات العمومية والمستوصفات الصحية خاصة بالعالم القروي صارت أثرا بلا عنوان ولاهوية، بعد أن هجرتها الأطر الطبية والتمريضية والوسائل اللوجستيكية، وتحولت إلى مرتع للمتطاولين والمنحرفين ” على سبيل المثال المستوصف الصحي القروي أولاد عزوز بالجماعة القروية المزامزة الجنوبية بسطات” الذي لايبعد عن المدينة سوى ببعض كيلومترات، وقد عاينت ” هبة بريس” أمهات وهن يحملن أطفالهم الصغار على ظهورهن متوجهات صوب مستشفى الحسن الثاني لا لشيء سوى أن صغارهن هؤلاء يعانون من درجات حرارة مرتفعة أو في حاجة ماسة لرعاية صحية ذات طابع استعجالي، بمناطق أخرى خارج عن نطاق إقليم سطات، الصورة ذاتها تتكرر، مستوصفات مغلقة وأخرى معطلة، وأخرى تئن تحت وطأة الإهمال والتهميش والنقص الحاد في الموارد البشرية والتجهيزات الطبية.

الوزارة الوصية وسؤال ربط المسؤولية بالمحاسبة

نعم، لقد أطلقت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، سلسلة من الزيارات الميدانية التي جابت مدنا وأقاليم وجهات بغية تقييم الوضع الصحي، من شهر شتنبر الجاري، انسجاما وتفعيلا للتوجيهات الملكية السامية لتكريس مفهوم الدولة الاجتماعية وضمان حق المواطن في الولوج للرعاية الصحية.

زيارات ميدانية ترأستها لجان وزارية خصت الواقع الصحي، ونقلت تقاريرها إلى الجهات المختصة، فيما يأمل المواطن البسيط أن تترجم مخرجات هذه الزيارات إلى أفعال تضع حدا للاحتقان الذي بات يتشكل دفاعا عن المنظومة الصحية وتنديدا بتردي أوضاع بعض المستشفيات العمومية، في وقت تتزايد فيه شكاوى المرضى وذويهم من طول المواعيد وضعف البنيات التحتية، وغياب أطر طبية بعينها عن الخدمة العمومية فيما تجدهم مواظبين بمصحات خاصة تاركين طوابير من مرضى ومصابين ينتظرون الفرج.