هبة بريس
في مشهد يختزل عمق الفساد المستشري داخل مؤسسات النظام الجزائري، التمس النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر، الثلاثاء، توقيع عقوبة 6 سنوات سجناً نافذاً في حق وزير العدل الأسبق وحافظ الأختام الطيب لوح، أحد أبرز وجوه منظومة بوتفليقة التي أغرقت البلاد في المستنقع المالي والسياسي لعقود.
قضايا فساد ثقيلة
كما طالبت الخزينة العمومية بتعويضات ضخمة تصل إلى 300 مليون دينار جزائري، في خطوة تُظهر حجم الأموال المنهوبة خلال سنوات “الشرعية الثورية” الزائفة.
وقد مثل لوح، يوم الثلاثاء 7 أكتوبر الجاري، أمام الغرفة الجزائية العاشرة لمجلس قضاء الجزائر، على خلفية قضايا فساد ثقيلة تلاحقه، بعد أن وجّه له قاضي التحقيق لدى القطب الاقتصادي والمالي تهمًا تتعلق بـ”التصريح الكاذب بالممتلكات” و”الإثراء غير المشروع”، طبقاً لأحكام القانون رقم 06-01 الخاص بمكافحة الفساد.
وحاولت هيئة الدفاع التذرع بحجج شكلية للمطالبة بـ”بطلان الإجراءات” بذريعة تقادم الدعو
وخلال الجلسة، أنكر لوح كل التهم الموجهة إليه، مدّعيًا “النزاهة والشفافية”، ومتحججًا بظروفه الصحية، حيث روى أنه خضع لعمليتين جراحيتين على مستوى القلب و”صارع الموت لسبع ساعات”، في خطابٍ عاطفي لم يُقنع أحدًا.
إيهام الرأي العام الجزائري بوجود “العدالة”
وادّعى الوزير الأسبق أنه صرّح بممتلكاته عندما كان في الحكومة سنة 2002 وعند مغادرته سنة 2019، مبررًا ثروته الضخمة بوثائق “إدارية”، رغم أن التحقيقات كشفت عن عقارات فاخرة وشقق فارهة في تلمسان ودالي إبراهيم ومرسى بن مهيدي، بعضها لم يُصرح به أصلاً أو تم تملكه بطرق مشبوهة.
وفي تصريحات أثارت السخرية، زعم لوح أن أحد العقارات موضوع المتابعة لا يدخل ضمن التصريح لأنه “ما يزال في طور البناء”، وكأن القصور تُبنى من فراغ!
يُذكر أن محكمة القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد كانت قد أدانت الطيب لوح في 7 يوليو الماضي بالسجن 4 سنوات نافذة وغرامة مالية قدرها 200 ألف دينار جزائري، مع مصادرة جميع ممتلكاته وألزمته بدفع مليون دينار كتعويض للخزينة العمومية.
وملف الطيب لوح ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من فضائح الفساد التي تنخر الدولة الجزائرية من أعلى هرم السلطة إلى أدناها، في ظل نظامٍ لا يزال يقدّم كباش فداء لإيهام الرأي العام بوجود “عدالة”، بينما تبقى العصابة الحقيقية في مأمن خلف ستار ما يسمى بـ”محاربة الفساد”.