هبة بريس ـ الرباط
في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، و رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها عديد القطاعات الحكومية، يعيش المغرب واحدة من أكثر فتراته صعوبة في ما يتعلق بالتشغيل، حيث ارتفع معدل البطالة إلى مستويات مقلقة رغم كثرة الوعود الوزارية والبرامج المعلنة.
في خضم كل هذا، يجد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، نفسه اليوم في قلب موجة انتقادات حادة، بعدما ربط كثيرون بين حصيلة وزارته المتواضعة وبين صورة رمزية أصبحت تتداول بكثرة في الرأي العام، مفادها أن أبرز إنجاز في ولايته هو انتقاله من شقة إلى فيلا.
ورغم أن مثل هذا التناول الشعبي قد يبدو قاسيا أو مبالغا فيه، إلا أنه يعكس حالة عامة من فقدان الثقة بين المواطن والمسؤول السياسي، فحين ترتفع نسب البطالة إلى أرقام قياسية، ويظل الشباب يواجهون انسدادا في الآفاق وفراغا في السياسات، يصبح من الطبيعي أن تتحول الرموز الشخصية إلى مؤشرات على الأداء العمومي.
السكوري قدم منذ توليه المنصب خطابا يقوم على الإصلاح الهيكلي وتحسين نجاعة البرامج، غير أن النتائج الميدانية ما زالت محدودة، والمواطن لا يقيس نجاعة الوزير بمستوى الخطابات، بل بمدى التحسن في فرص العمل والعيش الكريم.
مع ذلك، لا يمكن إنكار أن أزمة الشغل في المغرب تتجاوز شخص الوزير السكوري، فهي نتيجة تراكمات اقتصادية وبنيوية تمتد لسنوات إن لم نقل عقود، و هي نتاج تعاقب حكومات أنهكت المغاربة بالخطابات الفارغة و الوعود المعسولة و الصراعات الضيقة، من ضعف النمو الإنتاجي إلى هشاشة سوق العمل غير المهيكل.
غير أن المسؤولية السياسية تظل قائمة، لأن إدارة الأزمات تتطلب وضوحا وجرأة ومصارحة، لا تبريرات تقنية ولا لغة التفاؤل المفرط، فالمواطن يحتاج إلى من يعترف بعمق الأزمة ويقترح حلولا واقعية تنبع من الميدان لا من المكاتب.
لقد أظهرت تجربة السنوات الأخيرة أن معضلة التشغيل ليست رقما في التقارير، بل قضية تمس الثقة في الوزارة نفسها، لذلك فإن المطلوب اليوم من الوزير السكوري هو إعادة تعريف مفهوم النجاح السياسي، ليس في تغيير المساكن أو تحسين الصور، بل في تغيير الواقع وإعادة الأمل، فالتاريخ لا يسجل أسماء من امتلكوا الفيلات، بل من امتلكوا الجرأة على الإصلاح الحقيقي.