أوروبا تتجه لفقدان 20 في المائة من سكانها بحلول سنة 2100.. والهجرة ستغيّر هوية القارة

حجم الخط:

هبة بريس – شفيق عنوري

تتجه القارة الأوروبية إلى فقدان حوالي 20 في المائة من سكانها في ظرف 75 سنة مقبلة، وسط تراجع معدلات الخصوبة وارتفاع نسب الشيخوخة في أغلب دولها.

ويثير هذا الموضوع قلق عدد كبير من الباحثين الأوروبيين، من ضمنهم الإسباني ألبرتو م. فرنانديز، الذي دق في ورقة بحثية، ناقوس الخطر بشأن مستقبل أوروبا في ظل موجات الهجرة المتزايدة من إفريقيا؛ وضمنها المغرب، محذرًا من تداعيات اجتماعية وديمغرافية كبيرة على القارة خلال العقود المقبلة.

وفي الورقة البحثية التي نشرها معهد أبحاث إعلام الشرق الأوسط (Memri)، تحت عنوان “حماقة القارة: أوروبا تنهار بينما إفريقيا تتفجر بجانبها”، أشار فرنانديز إلى أن رغبة شباب إفريقيا في تغيير الأوضاع الداخلية عبر الاحتجاجات، استبدلت بعد موجة “الربيع العربي” بالرغبة في الهجرة.

وأضاف فرنانديز أن 35 في المائة من المغاربة يطمحون لمغادرة البلاد، وترتفع النسبة إلى 55 في المائة بين الفئة العمرية 18–29 سنة وفق استطلاع “البارومتر العربي”، منبهاً إلى أنه في الوقت الذي تُحرك رغبة المغاربة في الهجرة ظروف اجتماعية واقتصادية، فإن سكان العديد من دول إفريقيا الأخرى مدفوعون بظروف الصراعات مسلحة.

وأوضح الباحث أنه ضمن هذه الدول هناك مالي، بوركينافاسو، النيجر، نيجيريا، الكاميرون، السودان والصومال، ويبلغ عدد سكان هذه الدول 415 مليون نسمة، متابعاً أنه مع إضافة إثيوبيا وليبيا وجنوب السودان، وهي دول تعيش بدورها نزاعات مسلحة، سيصل الإجمالي إلى 569 مليون نسمة تقريبًا.

وحذّر فرنانديز من الوضع في نيجيريا، التي تعتبر أكبر دولة إفريقية من حيث عدد السكان، على وجه الخصوص، بسبب تمردات جهادية وانتشار العصابات والجريمة والفساد، والتوترات العرقية والطائفية، مؤكدًا أن هذه الظروف تعزز الضغوط على أوروبا عبر الهجرة.

إفريقيا تنبض بالحياة، وأوروبا قارة عجوز

على العكس من أوروبا، يرى الباحث أن إفريقيا “تنبض بالحياة”، بينما تشهد جنوب القارة الأوروبية انهيارًا ديموغرافيًا بسبب الشيخوخة المتقدمة، متوقعًا أن تفقد أوروبا 20 في المائة من سكانها بحلول 2100، مع انخفاض حاد في دول جنوب القارة مثل إسبانيا واليونان وإيطاليا.

وأكد فرنانديز أن انخفاض عدد السكان سيؤدي إلى نقص القوى العاملة وتهديد نظام المعاشات، مشيرًا إلى توقعات البنك المركزي الإسباني باحتياج إسبانيا إلى 25 مليون مهاجر بحلول 2053 لتعويض النقص، ما قد يجعل المواطنين الإسبان أقلية خلال جيل واحد.

وحذّر الباحث من التوترات الاجتماعية والسياسية المحتملة نتيجة الهجرة، خاصة غير القانونية من إفريقيا، مؤكدًا أن الأجانب يشكلون حاليًا 19 في المائة من سكان إسبانيا و31 في المائة من السجون، مع غلبة المهاجرين من المغرب وكولومبيا وفينزويلا.

وأشار فرنانديز في ورقته البحثية إلى صعود الأحزاب التي سماها بـ”الشعبوية اليمينية” كرد فعل على الهجرة، مشيرًا إلى أن الحكومات اليسارية تميل إلى الترحيب بالهجرة غير القانونية، وتمنح حقوقًا مثل الجنسية وحق التصويت للمهاجرين.

واختتم الباحث تحليله بالتساؤل عن الهوية الوطنية الأوروبية في المستقبل، مؤكدًا أن التغيرات الديمغرافية والهجرة واسعة النطاق قد تؤدي إلى إعادة تشكيل المجتمع الإسباني والإيطالي، قبل أن يتساءل عن مدى قدرة الدول القومية على مقاومة الضغوط السياسية والاجتماعية الناتجة عن هذه التحولات.