الأمن القانوني في التشريع الجبائي المغربي: خطوات نحو نظام ضريبي أكثر شفافية

حجم الخط:

هبة بريس- محمد زريوح

في حدث علمي مميز، احتضنت الكلية المتعددة التخصصات بالناظور يوم السبت 6 دجنبر مناقشة أطروحة دكتوراه في القانون العام، ضمن مختبر الدراسات القانونية والسياسية لدول البحر الأبيض المتوسط.

تمحور البحث حول “الأمن القانوني في التشريع الجبائي المغربي”، وهو الموضوع الذي تقدمت به الباحثة سهام حبان، تحت إشراف الأستاذ الدكتور الميلود بوطريكي، الذي قادها خلال مراحل البحث المختلفة بتوجيهاته القيمة، وضمن لها عمقًا علميًا ومنهجية راسخة.

تألفت لجنة المناقشة من مجموعة من الأساتذة الأكفاء في مجال القانون العام، الذين أثروها بنقاشات علمية معمقة. ترأس الجلسة الدكتور محمد الرضواني، أستاذ التعليم العالي بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، إلى جانب أعضاء اللجنة البارزين الذين كان لهم دور محوري في إثراء الحوار، وهم: الدكتور الميلود بوطريكي، والدكتور يونس أوحالو، والدكتور أحمد أعراب، والدكتور مصطفى عبدي، والدكتور محمد أبركان، والأستاذ مراد ناصري، الذي أضاف بُعدًا متخصصًا في المجال الضريبي.

افتتحت الباحثة عرضها بتوضيح الأسباب التي دفعتها لاختيار موضوع الأمن القانوني في التشريع الجبائي المغربي، مشيرة إلى أهمية هذا الموضوع في تعزيز دولة القانون وضمان استقرار العلاقة بين الدولة والمكلفين بالضريبة. وأكدت أن تحقيق هذا الأمن يتطلب وضوح التشريع الضريبي واستقراره وقابليته للتوقع، وهو ما يشكل تحديًا حقيقيًا في ظل وجود عدة إشكالات مزمنة مثل التضخم التشريعي، التعديلات المتكررة، غموض التأويل الإداري، وصعوبة تطبيق الأحكام القضائية.

استهلت الباحثة من خلال طرح إشكالية محورية تتمثل في: “إلى أي حد تمكن المشرع المغربي من تكريس الأمن القانوني في إعداد وتطبيق القاعدة الضريبية؟ وما هي الإصلاحات اللازمة لتعزيزه؟” حيث تم تقسيم الأطروحة إلى بابين رئيسيين؛ الأول يتناول التشخيص الواقعي للأمن القانوني في التشريع الجبائي المغربي، بدءًا من إعداد النصوص التشريعية وصولًا إلى تفسيرها وتطبيقها من قبل الإدارة والقضاء.

في حين ركز الباب الثاني على سبل تعزيز هذا الأمن القانوني عبر مقترحات تشريعية، إدارية وقضائية، بما في ذلك توحيد المدونة العامة للضرائب، تحسين الصياغة القانونية، إرساء آليات التواصل الإداري الفعّال، وإنشاء تخصصات جبائية داخل القضاء، إلى جانب تشجيع الوسائل البديلة لفض المنازعات مثل الوساطة والتحكيم.

خلال عرضها، شددت الباحثة على أن الأمن القانوني الضريبي ليس مجرد خيار، بل ضرورة حتمية لضمان عدالة جبائية مستدامة، وتعزيز الثقة بين الدولة والمواطنين، مما يساهم بشكل مباشر في تحسين مناخ الاستثمار داخل المملكة.

وقد تخلل عرضها نقاش علمي معمق استمر لأكثر من أربع ساعات، حيث طرحت اللجنة مجموعة من الملاحظات الدقيقة والمقترحات التي من شأنها إثراء الموضوع وتطويره.

شهدت الجلسة حضورًا متميزًا من شخصيات قانونية رفيعة، على رأسها السيد الأمين العام لاتحاد المحامين العرب النقيب بنعيسى مكاوي، ونقيب هيئة المحامين بالناظور الأستاذ عمرو القضاوي، بالإضافة إلى عدد من الأساتذة والباحثين الأكاديميين، ورؤساء المحاكم، والقضاة، والمحامين، والمفوضين القضائيين.

كما شهدت الجلسة حضور عدد من المسؤولين الجماعيين وطلبة من مختلف التخصصات، إلى جانب عائلة الطالبة وزملائها وأصدقائها المهتمين بالمجال القانوني.

في ختام المناقشة، حصلت الطالبة سهام حبان على درجة الدكتوراه في القانون العام، مع إشادة واسعة بمجهوداتها العلمية وموضوعها الهام الذي أثار العديد من النقاشات البناءة.

أوصت اللجنة بنشر أطروحتها نظرًا لأهمية الموضوع على الساحة القانونية والحقوقية، حيث يُعد خطوة كبيرة نحو تعزيز الأمن القانوني في النظام الضريبي المغربي.

وبذلك، تفتح سهام حبان آفاقًا جديدة في مسيرتها الأكاديمية والمهنية، متسلحةً بالمعرفة العلمية والشجاعة الفكرية لإحداث تأثير إيجابي في مجال القانون.