4 عوامل وراء تألق المنتخب المغربي في مونديال الشباب بالتشيلي

حجم الخط:

يواصل المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة كتابة التاريخ في مونديال الشباب المقام بتشيلي، بعدما بلغ النهائي لأول مرة في تاريخه إثر فوزه المثير على المنتخب الفرنسي بالضربات الترجيحية، عقب انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل الإيجابي هدف لمثله.

وسيكون “أشبال الأطلس” على موعد مع مواجهة قوية أمام الأرجنتين في النهائي، في محطة جديدة من مسار النجاح الذي لم يأتِ من فراغ، بل هو ثمرة عمل قاعدي واستراتيجية دقيقة قادتها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم برئاسة فوزي لقجع، إلى جانب عوامل أخرى أسهمت في هذا الإنجاز التاريخي.

1. لقجع والثورة الحقيقية في منظومة الكرة الوطنية

من أبرز مفاتيح هذا التألق المشروع الكبير الذي تقوده الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم منذ تولي فوزي لقجع زمام الأمور. فالرجل أحدث ثورة حقيقية في منظومة الكرة الوطنية، عبر إعادة هيكلة شاملة للفئات السنية وتطوير البنية التحتية والمناهج التكوينية.
مركب محمد السادس لكرة القدم في المعمورة شكّل أحد أعمدة هذا التحول، إذ أصبح فضاءً مثالياً لإعداد مختلف المنتخبات الوطنية وتنظيم معسكرات ومباريات ودية أمام مدارس كروية متنوعة، مما أتاح للاعبين الاحتكاك بمستويات مختلفة وصقل موهبتهم.
هذا النهج جعل كرة القدم المغربية تحقق قفزة نوعية، تُوجت بوصول المنتخب الأول إلى نصف نهائي كأس العالم 2022 بقطر، وها هو المنتخب الشاب يكتب صفحة جديدة في مونديال تشيلي.

2. الرهان على الإطار الوطني محمد وهبي

محمد وهبي

محمد وهبي

اختيار الجامعة لمحمد وهبي على رأس العارضة الفنية لمنتخب الشباب منذ مارس 2022 كان قراراً حكيماً، يعكس الثقة في الكفاءات الوطنية المؤهلة.
وهبي، الذي راكم تجربة محترمة في بلجيكا رفقة نادي أندرلخت، تمكن من بناء منتخب متجانس وقوي من الناحية التكتيكية والذهنية، رغم الانتقادات التي لاحقته في بداياته.
نجح وهبي في قيادة الفريق إلى نهائي كأس إفريقيا للشباب أمام جنوب إفريقيا، قبل أن يعود ليبلغ نهائي كأس العالم، في تأكيد على بصمته الواضحة وقدرته على تطوير الأداء الجماعي والفردي للاعبيه.
استمراره في المنصب بعد الخسارة القارية برهن على ثقة الجامعة في مشروعه الطويل الأمد، وهي خطوة نادراً ما نشهدها في كرة القدم الوطنية، حيث يُستبدل المدرب عادة مع أول إخفاق.

3. غرس ثقافة الانتصار

من بين أسرار هذا النجاح ترسيخ ثقافة الانتصار داخل عقلية اللاعبين الشباب.
فبعد خسارة نهائي كأس إفريقيا، حرص فوزي لقجع على استقبال اللاعبين بمركب محمد السادس، مؤكدًا لهم أن الهزيمة لا يجب أن تكون نهاية الطريق، بل حافزاً لتعلم دروس جديدة، وغرس فيهم مبدأ “الانتصار كخيار وحيد”.


هذه الثقافة أصبحت جزءاً من هوية المنتخب، إذ يظهر اللاعبون في كل مباراة بعقلية الفوز مهما كان الخصم، وهو ما أكده وهبي في أكثر من مناسبة، حين تحدث عن الشخصية الانتصارية التي باتت تميز عناصره داخل الميدان.

4. جيل ذهبي من المواهب الواعدة

المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة

المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة

يضم المنتخب المغربي جيلاً من المواهب التي تعكس ثمار العمل القاعدي والاستكشاف الذكي الذي اعتمدته الجامعة.
من الحارس المميز يانيس بنشاوش، مروراً بالمدافعين إسماعيل بختي وإسماعيل باعوف، إلى لاعبي الوسط نعيم بيار وعثمان معما، ووصولاً إلى المهاجمين ياسين جسيم وياسين زبيري، يتشكل فريق متكامل يتمتع بتوازن واضح بين الانضباط التكتيكي والروح القتالية.
ما يميز هذا الجيل هو روح المجموعة، إذ يؤدي الجميع أدوارهم بانضباط كبير، حتى أن المهاجمين لا يترددون في مساندة الدفاع، ما يعكس نضجاً تكتيكياً نادراً في هذه الفئة العمرية.

خلاصة: التألق ثمرة رؤية استراتيجية بعيدة المدى

المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة

المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة

إن تألق المنتخب المغربي للشباب في مونديال تشيلي ليس ضربة حظ أو صدفة عابرة، بل هو ثمرة رؤية استراتيجية بعيدة المدى، ومشروع كروي متكامل يجمع بين التكوين والبنية التحتية والعقلية الاحترافية.
الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بقيادة فوزي لقجع، وضعت اللبنات الصحيحة، والمدرب محمد وهبي جسّد هذه الرؤية على أرض الواقع، فيما أثبت الجيل الحالي من اللاعبين أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو مستقبل كروي واعد.

قد يكون النهائي أمام الأرجنتين امتحاناً صعباً، لكن “أشبال الأطلس” أثبتوا بالفعل أنهم أبناء مشروع كروي حقيقي، وأن مستقبل كرة القدم المغربية بين أيادٍ آمنة.