ميزانية 2026.. بشعار “كل درهم من المال العام عليه تحقيق أثر ملموس على حياة المغاربة”

حجم الخط:

هبة بريس ـ ياسين الضميري

يأتي مشروع قانون المالية لسنة 2026 في سياق مرحلة جديدة من الإصلاح المالي بالمغرب، تستهدف إرساء نظام جبائي أكثر عدلا وشفافية، قادر على تمويل الطموحات الاجتماعية والاقتصادية التي تضمنها هذا المشروع.

ويعكس المشروع توجها واضحا نحو تحقيق التوازن بين متطلبات النمو الاقتصادي وحماية الفئات المتوسطة والهشة، في إطار رؤية شاملة لبناء نموذج مالي مستدام.

و يرتكز المشروع على إصلاح هيكلي للمنظومة الجبائية، يهدف إلى تحقيق عدالة أكبر في توزيع العبء الضريبي بين المواطنين والمقاولات.

ويشمل هذا الإصلاح مراجعة نسب الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات، مع التركيز على دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وتبسيط المساطر الجبائية لتشجيع الامتثال الطوعي.

كما يواصل المشروع تنزيل توصيات المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، التي أكدت ضرورة بناء نظام ضريبي يحفز الإنتاجية والاستثمار، ويحد من الاقتصاد غير المهيكل الذي يضعف الموارد العمومية.

و في إطار توازن دقيق بين تشجيع الاستثمار والحفاظ على الموارد المالية، يقترح مشروع قانون المالية 2026 إجراءات جديدة لدعم المستثمرين، أبرزها تخفيف الضغط الجبائي على الأنشطة المنتجة للثروة وفرص الشغل.

وفي المقابل، يسعى المشروع إلى توسيع الوعاء الضريبي عبر إدماج أنشطة الاقتصاد غير المهيكل، وتعزيز المراقبة الرقمية لمحاربة التهرب الضريبي.

كما تتجه الحكومة إلى اعتماد مقاربة رقمية حديثة في التدبير الجبائي، تقوم على تبادل المعطيات بين الإدارات وتحسين الشفافية في الأداءات، مما سيساهم في رفع المداخيل وتحسين العلاقة بين الإدارة والمواطن.

و لا يقتصر الإصلاح على الجانب الجبائي، بل يشمل أيضا أساليب صرف المال العام، فقد ركز مشروع قانون المالية على تعزيز نجاعة الإنفاق العمومي وربطه بنتائج واضحة، في إطار الانتقال إلى “الميزانية الموجهة نحو النتائج”.

وستعمل الحكومة على تقييم البرامج والمشاريع بناءا على مؤشرات الأداء، لضمان أن كل درهم من المال العام يحقق أثرا ملموسا على حياة المواطنين.

و تسعى الحكومة، من خلال هذا الإصلاح، إلى تقليص عجز الميزانية تدريجيا، مع الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية.

وينتظر أن يعتمد المشروع سياسة مالية حذرة تقوم على التحكم في النفقات الجارية، وتوجيه الموارد نحو الاستثمار العمومي المنتج ومشاريع الحماية الاجتماعية.

كما يتضمن المشروع إجراءات لتعزيز الشفافية في الدين العمومي، وتوسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص كآلية لتمويل المشاريع الكبرى دون إثقال كاهل المالية العامة.

و يؤكد مشروع قانون المالية لسنة 2026 أن الإصلاح الجبائي ليس مجرد تعديل للأرقام والنسب، بل هو رهان سياسي واجتماعي يرمي إلى ترسيخ الثقة بين المواطن والدولة.

فمن خلال مقاربة تقوم على الإنصاف والفعالية، يسعى المغرب إلى بناء نظام مالي قادر على تمويل الدولة الاجتماعية دون الإخلال بتنافسية الاقتصاد الوطني.