نجاح المقاطعة يدفع “كوكاكولا” لسحب إشهاراتها من المغرب

حجم الخط:

هبة بريس ـ الرباط

شهدت الأسواق المغربية خلال الأسابيع الماضية حملة مقاطعة واسعة استهدفت منتجات شركة “كوكاكولا”، في خطوة غير مسبوقة من قبل المستهلكين المغاربة.

الحملة، التي انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي وانتشرت بسرعة إلى المتاجر ومحلات البيع، جاءت ردا على سياسة الشركة الخارجية التي لم ترق لعدد كبير من المواطنين.

وقد تحولت هذه المبادرة من مجرد حملة إلكترونية إلى فعل اقتصادي ملموس، يعكس وعي المستهلك وقدرته على فرض قواعده على السوق.

نجاح المقاطعة ظهر جليا في تراجع مبيعات الشركة، ما دفع “كوكاكولا” إلى اتخاذ قرار مفاجئ بسحب إعلاناتها من السوق المغربية.

و في هذا الصدد، أكد مصدر من إحدى شركات الإعلانات فضل عدم الكشف عن هويته أن الشركة اضطرت في الوقت الراهن للتخلي عن الحملات الإشهارية بسبب ضعف العائدات، وهو ما يعني اعترافا ضمنيا بقوة المستهلك وتأثيره المباشر على أرباح الشركات الكبرى.

القرار حسب عدد من محللي السوق الاقتصادية يعكس فشلا مزدوجا، فشل “كوكا كولا” في التسويق وفشلها في قراءة التحولات الاقتصادية والاجتماعية في المغرب، حيث أصبح المواطن اليوم مستعدا لمحاسبة العلامات التجارية التي تتجاهل مصالحه.

ويشكل قرار سحب الإعلانات من المغرب تعميقا واضحا للأزمة التي تواجهها الشركة عالميا ومحليا، فبدلا من الانكباب على المشكل الحقيقي، الذي دفع المستهلك للمقاطعة، اختارت إدارة الشركة سياسة الهروب للأمام، ظنا منها أن وقف الحملات الإعلانية سيخفف من حدة الأزمة أو يجعل المغاربة ينسون مقاطعتهم.

هذه الاستراتيجية تكشف قصور إدارة “كوكاكولا” في التعاطي مع الأزمة، وتعكس افتقارها للفهم العميق للسوق المغربي الذي لا ينسى بسهولة، والذي أصبح واعيا بتصرفات الشركات متعددة الجنسيات.

تداعيات هذه المقاطعة لا تقتصر على “كوكاكولا” وحدها، فهي تشكل تحذيرا لكل الشركات الأجنبية العاملة في المغرب، فقد أصبح المستهلك المغربي يمتلك أدوات ضغط فعالة،و أصبح قادرا على تحويل الصوت الرقمي إلى أثر اقتصادي ملموس.

ما حدث مع “كوكا كولا” يؤكد نقطة أساسية، زمن الاستهانة بالمستهلك المغربي قد ولى، و سياسة قطع الإعلانات و وقف الحملات لن تجدي نفعا في ظل وعي المستهلك وثقافته الاقتصادية، فذاكرته طويلة ولن يغيب عنها تجاهل الشركة لاحتياجاته ومطالبه.

فشل إدارة “كوكاكولا” في فهم هذا التحول ليس مجرد خطأ تكتيكي، بل قد يتحول إلى كارثة اقتصادية وسمعة مدمرة للعلامة التجارية، خاصة أن اليوم، قوة المواطن تتجلى في جيبه و وعيه الاجتماعي، والشركات التي لا تستجيب لهذه المعادلة ستجد نفسها عاجزة عن المنافسة، مهما كانت قوة علامتها التجارية في الأسواق العالمية.