هبة بريس – الرباط
في أولى جلسات القضية التي رفعها الأمير مولاي هشام ضد اليوتيوبر رضا الطاوجني، بالمحكمة الابتدائية بالرباط، قدم الأمير تصريح ل ” هبة بريس” دافع فيه عن كرامته، دون أن يغفل تأكيد التزامه بحرية التعبير كقيمة دستورية ومبدأ إنساني، مشدداً في الوقت ذاته على ضرورة تقنينها بأخلاقيات المهنة والمسؤولية القانونية.
– اتهامات “خطيرة وغير مسؤولة”
في معرض حديثه، كشف مولاي هشام أن تصريحات الطاوجني، التي نُشرت على يوتيوب بتاريخ 12 شتنبر الماضي، تضمنت “اتهامات خطيرة لا يمكن السكوت عنها”، من بينها “محاولة زعزعة النظام الملكي”، و”الإضرار بالدولة”، و”تخريب عمل جلالة الملك”. واعتبر أن هذه الاتهامات تندرج ضمن خانة القذف والتشهير، مؤكداً أنه تجاهلها في البداية لافتقادها للمصداقية والجدية.
وشدد المتحدث على أن “الخطاب الذي اعتمده الطاوجني لا يمتّ بصلة للّباقة أو حتى الحد الأدنى من الأدب في النقاش العمومي”، مؤكداً أن الاحترام لا يُمنح بالمجّان، وإنما يُكتسب بالإنجازات، بينما يبقى واجب الأدب مسؤولية الجميع.
– الدعوى تحت مظلة قانون الصحافة
أوضح الأمير أن لجوءه إلى القضاء تم عبر مسطرة قانون الصحافة والنشر، وليس المتابعة الجنحية، في احترام صريح لمبادئ حقوق الإنسان وحرية التعبير، التي وصفها بأنها “مقدسة اجتماعياً”. وأشار إلى أن التعويض المالي المطلوب في الدعوى لا يهدف إلى الكسب الشخصي، بل إلى خلق رادع مجتمعي ضد التهجم المجاني على الأفراد، معلناً أن أي تعويض سيتم تخصيصه لـ”دعم برامج تعليم أخلاقيات المهنة”.
– جوهر القضية: “أين الدليل؟”
في قلب الدعوى، تكمن مزاعم الطاوجني بأن الأمير “حوّل مئات ملايين الدولارات من المغرب إلى أمريكا”. ورد مولاي هشام على هذه النقطة قائلاً: “إذا كان يتحدث عن مئات الملايين، فنحن أمام رقم لا يقل عن 300 مليون دولار، وأين الدليل؟”. وأضاف أن توقيت التصريحات، بعد يومين فقط من نشر حواره مع صحيفة “إل كونفيدينسيال” الإسبانية، يكشف غياب أي معطى موثق لدى الطاوجني، وهو ما يجعل تصريحاته “فاقدة للمسؤولية القانونية والإعلامية”.
وفي لهجة عامية ساخرة، شبّه الأمير تصريحات الطاوجني بـ”زردة كبيرة وُعد بها الناس، ولكن عند الحضور لا نجد شيئاً”، في إشارة إلى الهوة بين الادعاءات والحقيقة.
– حرية التعبير… التزام لا فوضى
وأعاد مولاي هشام التأكيد على موقفه الثابت من حرية التعبير، معتبراً أنها “ضرورة ديمقراطية وتربوية”، وركيزة لمساءلة الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، لكنها لا تعني في أي حال من الأحوال إباحة القذف والتشهير والتضليل، بل يجب أن تكون مشروطة بأخلاقيات الصحافة.
– القضاء كفضاء للإنصاف
وفي ختام تصريحه أمام المحكمة الابتدائية بالرباط، عبّر الأمير عن فخره باللجوء إلى القضاء “كمؤسسة تحمي الحقوق وتصون الكرامة وتفصل بين الناس بعدل”، مؤكداً أن “القانون هو أداة التهدئة والانسجام في المجتمع”، لا العنف اللفظي أو الفوضى الإعلامية.
– الجلسات مستمرة…
ومن المنتظر أن تستمر جلسات القضية خلال الأسابيع المقبلة، وسط متابعة إعلامية وشعبية واسعة، لما تحمله من رمزية حول علاقة حرية التعبير بالمسؤولية، وحدود النقد في الفضاء العمومي، في زمن الرقمنة والانفلات الخطابي.