مراكش تحتضن اجتماع رؤساء المجالس العليا للقضاء

حجم الخط:

محمد الهروالي – هبة بريس

افتتح مَحمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، اليوم ‏الخميس 16 أكتوبر 2025 بمدينة مراكش، أشغال مؤتمر الشبكة الفرنكفونية للمجالس العليا للقضاء ‏الذي تستضيفه المملكة المغربية تحت شعار‎:‎‏ “الحصيلة والآفاق بعد عشر سنوات من التأسيس”، ‏وذلك بحضور وازن لرؤساء المجالس العليا للقضاء، وممثلين عن المنظمات الدولية الناطقة بالفرنسية ‏من 17 دولة.‏

وفي كلمته بمناسبة هذا الحدث الدولي الهام، أكد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة ‏القضائية، أن هذا المؤتمر يمثل لحظة تأمل وتقييم جماعي لما تحقق منذ تأسيس الشبكة سنة 2014، ‏وانطلاقة جديدة نحو المستقبل‎.‎

وأشار إلى أن تسارع وتيرة التحولات العالمية، وتزايد توقعات المواطنين، يفرضان على المجالس ‏القضائية تعميق أدوارها، ليس فقط لضمان حسن سير العدالة، بل لجعلها أكثر مصداقية وشفافية ‏وقربا من المجتمع‎.‎

وأضاف أن العدالة الحديثة والإنسانية ترتكز على ثلاث ركائز أساسية هي‎:‎
‏1.‏ الاستقلال، باعتباره حقا أصيلا للمتقاضي يجب الحرص على ضمانه لجميع القضاة والمؤسسات ‏القضائية، مستحضرا في هذا السياق التوجيهات الملكية السامية لرئيس المجلس الأعلى للسلطة ‏القضائية صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده التي أكد فيها أن “مبدأ الاستقلال لم ‏يشرع لفائدة القضاة، وإنما لصالح المتقاضين، وأنه إذ يرتب حقا لهم، فإنه يلقي واجبا على عاتق ‏القاضي”، مبرزا أن هذه الرؤية الملكية تؤكد أن الاستقلال ليس امتيازا شخصيا، بل مسؤولية ‏مؤسساتية تهدف إلى صون حقوق المتقاضين وترسيخ الثقة في العدالة؛
‏2.‏ الأخلاقيات، التي تعد جوهر أي إصلاح قضائي حقيقي، وتتطلب من القاضي التحلي بالنزاهة ‏والشجاعة والكفاءة والحياد، وقد ذكر بمضامين الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح السنة ‏القضائية، الذي شدد فيه جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده على أن إصلاح القضاء يهدف إلى ‏تحديث جهاز العدل وتخليقه وتأهيله؛
‏3.‏ التواصل، كرافعة مؤسساتية ومسؤولية جماعية تستوجب انخراطا واعيا ومتوازنا من طرف ‏القضاة، يجمع بين حرية التعبير وواجب التحفظ الذي يشكل أساس سلطتهم الأخلاقية‎.‎

وتابع قائلا إن الاستقلال قد يفقد معناه إذا لم يكن مؤطرا بالأخلاقيات، لكنه يتحول بوجودها إلى ‏قوة بناءة تتسم بالمصداقية والانخراط المسؤول في خدمة المواطن، مشيرا إلى أن هذه القوة لا يمكن أن ‏تتجلى إلا في ظل تواصل مؤسساتي واضح وإنساني‎.‎

وشدد مَحمد عبد النباوي على أن العدالة الحقة ليست مجرد مرفق، بل وعد جماعي ببناء ‏مؤسسات مستقلة قريبة من المواطنين، مع مواصلة الجهود الجماعية لتعزيز التعاون القضائي ‏الفرنكفوني وجعل الشبكة نموذجا للإلهام والتبادل والإصلاح‎.‎

وأكد الرئيس المنتدب في الأخير على أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية سيواصل دعمه ‏الثابت لمبادرات التعاون الدولي في الميدان القضائي، تجسيدا للتوجيهات الملكية السامية لصاحب ‏الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، الذي جعل من استقلال القضاء وشفافيته ونزاهته ركيزة ‏أساسية لبناء دولة الحق والمؤسسات‎.‎

ومن جانب آخر، نوهت الوفود المشاركة التي تناولت الكلمة خلال الجلسة الافتتاحية بـحفاوة ‏الاستقبال وجودة التنظيم الذي ميز أشغال هذا اللقاء الدولي، مؤكدين على أن احتضان مدينة مراكش ‏لاجتماع الشبكة الفرنكفونية للمجالس العليا للقضاء في ذكراها العاشرة يجسد المكانة المتميزة التي ‏يحتلها المغرب داخل الفضاء الفرنكفوني، ويعكس دوره الريادي في ترسيخ التعاون القضائي وتبادل ‏الخبرات في مجالات العدالة واستقلال السلطة القضائية‎.‎

وتجدر الإشارة إلى أن مؤتمر هذه السنة الذي تحتضنه مدينة مراكش على مدى يومين (16و 17 ‏أكتوبر2025) يتضمن أربعة محاور علمية رئيسية تتمثل في:‏
‏1.‏ عرض حصيلة عشر سنوات من تجربة الشبكة الفرنكفونية للمجالس العليا للقضاء؛
‏2.‏ استقلال المجالس القضائية؛
‏3.‏ البعد الأخلاقي في وظيفة القاضي؛
‏4.‏ القاضي كفاعل وموضوع للتواصل في الفضاءات الرقمية وواجب التحفظ.‏