هبة بريس – تيفلت
شهدت جماعة تيفلت، يوم أمس، تتمة لأشغال دورة أكتوبر التي انعقدت الأسبوع المنصرم، وسط أجواء مشحونة بالنقاش حول الوضع المالي للجماعة وطريقة تدبيرها للموارد العمومية، في وقت تتصاعد فيه أصوات المعارضة التي تتهم الرئيس عبد الصمد عرشان بـ”الفشل في تنزيل حكامة مالية حقيقية” وبـ”تجميل الأرقام لإخفاء واقع من الاختلالات البنيوية”.
وخلال هذه الجلسة، أكد عرشان أن إدراج عدد من البنود ضمن الوثيقة المالية للجماعة ليس خياراً بل “ضرورة قانونية ومنهجية”، مبرزاً أن مصاريف الصيانة والتشجير والتكوين المستمر تعتبر ركائز أساسية في التدبير المحلي المسؤول. وأضاف أن المجلس خصص أزيد من 8 مليارات سنتيم لتأهيل أحياء ومرافق المدينة، ضمن رؤية تهدف إلى جعل تيفلت مدينة خضراء ومستدامة، مشيراً إلى أن “80 في المائة من شبكة الطرق داخل المدينة في حالة جيدة”.
لكنّ هذه التصريحات لم تقنع عدداً من المستشارين الذين اعتبروا أن ما يقدمه الرئيس مجرد “لغة تجميلية لا تخفي عمق الأزمة المالية”. وفي تصريح لجريدة هبة بريس، قال عز العرب حلمي، أحد أعضاء المعارضة المنتمي إلى فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن رقم 8 مليارات سنتيم من المداخيل غير المستخلصة “يكشف خللاً بنيوياً مزمناً في تدبير مالية الجماعة”، مضيفاً أن “الرقم الضخم ليس وليد سنة أو سنتين، بل نتيجة تراكمات تعود إلى سنة 2009 حيث بدأ النزيف المالي بصمت وسط غياب تام لآليات المراقبة الجادة”.
وأوضح عز العرب حلمي أن المجلس فشل في استخلاص مداخيل مستحقة، بعضها قابل للتحصيل، إلا أن غياب الصرامة واستمرار منطق الزبونية والمحاباة سمح لفئة محدودة بالإفلات من الأداء مقابل الولاءات السياسية. ودعا إلى إجراء افتحاص شامل للملف المالي للجماعة، لتحديد طبيعة المداخيل غير المستخلصة وتمييز ما هو متعذر عن القابل للتحصيل، مع وضع خطة واضحة لاسترجاع الأموال العمومية وتفعيل المساطر القانونية ضد المتخلفين عن الأداء.
من جهة أخرى، عبّر مصدر من المعارضة عن استغرابه من “تكرار نفس الممارسات كل سنة”، معتبراً أن “الميزانية لا تعكس أولويات الساكنة بقدر ما تُكرّس منطق التبذير والولاءات، في وقت تحتاج فيه المدينة إلى عقلنة حقيقية في التدبير وتوجيه الموارد نحو ملفات ذات أثر مباشر على حياة المواطنين”.
وعرفت الجلسة لحظات من المشاحنات بعد أن لجأ رئيس المجلس إلى عبارات اعتبرها بعض المستشارين “استفزازية”، قبل أن تعود الدورة إلى مجراها الطبيعي ويتم استكمال أشغالها في أجواء حوارية مشحونة. وأكدت مصادر حضرت الدورة أن النقاش شهد شد وجذب، لكنه لم يمنع استمرار النقاش المؤسساتي وتبادل الآراء حول الميزانية، وهو ما يعكس حرص الأطراف على متابعة النقاش الديمقراطي والمسؤولية الجماعية رغم التوتر المؤقت.
وفي ختام الدورة، أعلن فريق المعارضة تصويته ضد مشروع ميزانية 2026، مشدداً على أن القرار “ليس معارضة عبثية، بل موقف نابع من قناعة بضرورة حماية المال العام وكشف الاختلالات التي تعيق التنمية المحلية”.
ويرى مراقبون أن واقع الحال بمدينة تيفلت يطرح أكثر من علامة استفهام حول فعالية التسيير المحلي وجدوى الخطاب التنموي الرسمي، مؤكدين أن الإصلاح الحقيقي لن يتحقق إلا عبر ربط المسؤولية بالمحاسبة وإرساء شفافية مالية حقيقية تُعيد الثقة بين المواطن والمؤسسة المنتخبة.