وزير جزائري سابق: “قضية الصحراء تقترب من نهايتها لصالح المغرب دون منازع”

حجم الخط:

هبة بريس

قال الوزير الجزائري الأسبق والمفكر المعروف نور الدين بوكروح إن قضية الصحراء دخلت مرحلتها الأخيرة، وأن الكفة تميل بوضوح لصالح المغرب “من دون منازع”، مؤكداً أن المملكة وصلت إلى هذه المرحلة بعد خمسين عاماً من العمل السياسي والدبلوماسي والعسكري المتواصل، بينما لم يتبقَّ أمام جبهة البوليساريو سوى خيارين لا ثالث لهما: القبول بالحكم الذاتي أو السقوط في خانة “الإرهاب”.

الحزم العسكري والدهاء الدبلوماسي

وأوضح بوكروح، في تدوينة مطوّلة على صفحته بموقع “فيسبوك، أن المغرب اعتمد خلال العقود الماضية سياسة متوازنة بين “العصا والجزرة”، فجمع بين الحزم العسكري والدهاء الدبلوماسي، حتى تمكن من تجاوز الحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية سنة 1975 الذي كان قد نفى وجود سيادة مغربية على الأقاليم الجنوبية.

وأشار الوزير الأسبق إلى أن الرباط نجحت في “استبدال القانون الدولي القديم بشرعية دولية جديدة” تقوم منذ سنة 2007 على مشروع الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب، مضيفاً أن هذا المشروع أصبح يحظى اليوم بدعم أغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

وأكد بوكروح أن المغرب قطع الطريق نهائياً أمام كل من الجزائر والبوليساريو اللتين ظلّتا متمسكتين بخيار “الاستفتاء” بمعناه الوحيد وهو “الاستقلال”، لافتاً إلى أن مفاهيم السياسة تتبدّل بتبدّل الزمن وموازين القوى، وأن العالم اليوم لم يعد يتعامل بالمنطق القديم الذي كانت تروّج له الجزائر.

وشدد المفكر الجزائري على أن البوليساريو لم تعد تملك سوى خيار الحكم الذاتي أو مصير التنظيمات المصنّفة إرهابية، مشيراً إلى أن الجبهة لم تُعد يوماً أي بديل واقعي بعد فشل استراتيجيتها القائمة على شعار “الكل أو لا شيء” طيلة نصف قرن.

ودعا بوكروح قيادة الجبهة إلى الدخول في مفاوضات جادة للحصول على “أفضل مما يُعرض عليها حالياً”، مذكّراً بأن المبادرة المغربية منفتحة على المقترحات الواقعية باستثناء خيار “الدولة المستقلة”، وأنها تقوم على منح الصحراء حكماً ذاتياً فعلياً داخل دولة تعرف نمواً متسارعاً واستقراراً مؤسساتياً.

ثقة الرباط في عدالة مقترحها

وكشف الوزير الأسبق أن كثيرين لا يدركون المضمون الحقيقي للمبادرة المغربية، فهي لا تتعلق بمجرد لامركزية إدارية، بل تطرح نموذجاً متكاملاً لمنطقة ذات حكم ذاتي حقيقي داخل دولة موحدة، يتمتع سكانها بهياكل تشريعية وتنفيذية وقضائية مستقلة، وصلاحيات واسعة وموارد مالية كافية لتدبير شؤونهم.

وبيّن بوكروح أن المبادرة تسمح لصحراويي الخارج بالعودة إلى وطنهم ولمّ شملهم بإخوتهم في الداخل، مشيراً إلى أن المادة 27 من المقترح المغربي تنص على عرض نظام الحكم الذاتي على استفتاء حرّ للسكان كترجمة فعلية ل “حق تقرير المصير”.

وأضاف أن النص المغربي لا يتحدث عن احتمال الرفض، ما يعكس ثقة الرباط في عدالة مقترحها وفي رغبة الصحراويين في الاندماج ضمن حل واقعي ومستدام.

كما تحتفظ الدولة المغربية بصلاحياتها السيادية في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والدستور والدين، مقابل منح الأقاليم الصحراوية سلطة تدبير ذاتي حقيقية.

كما تتضمن الخطة، بحسب بوكروح، تشكيل مجلس انتقالي مشترك بين ممثلين عن المغرب والبوليساريو للإشراف على نزع السلاح وإعادة إدماج العائدين، إضافة إلى إصدار عفو عام يشمل عناصر الجبهة ما عدا المتورطين في جرائم خطيرة، مع تمكين السكان من المشاركة في البرلمان الوطني وانتخاب برلمان إقليمي وحكومة محلية مسؤولة أمامه.

وختم بوكروح تدوينته بالقول إن المقاربة المغربية تعبّر عن نضج سياسي ورؤية استراتيجية متقدمة، وتشكل نواة لنموذج يمكن أن يتطور مستقبلاً نحو شكل اتحادي متكامل، مضيفاً أن نجاح التجربة سيحدث تحولاً فكرياً وسياسياً في كامل المنطقة المغاربية، وسينقلها من مرحلة النزاعات إلى مرحلة البناء والوحدة.