هبة بريس- فاس
في الوقت الذي تغرق فيه أقاليم تازة، إفران وميسور في أزمات خانقة: مستشفيات تئن تحت وطأة الخصاص، بنية تحتية منهكة، عطش يهدد القرى، بطالة متفشية، وفقر يزداد اتساعاً… يخرج مجلس جهة فاس مكناس ببلاغ “فاخر” مزركش بالأرقام والاتفاقيات، كما لو أن التنمية تتحقق بالحبر والتوقيعات فقط!
الاثنين 6 أكتوبر، عقد المجلس دورته العادية، وصادق على أكثر من 12 نقطة وعشرات الاتفاقيات، تتحدث عن “رؤية مندمجة” و”مشاريع كبرى”، بينما لا تزال مناطق تازة وتاهلة ووادي أمليل وأكنول، تعيش واقعاً مريراً من التهميش وغياب العدالة المجالية.
ما يجري اليوم ليس سوى إعادة إنتاج لخطاب تنموي متآكل، مشاريع تُعلن في كل دورة وتُعاد تكرارها منذ عهد محند العنصر، دون أن ترى النور على الأرض. ووسط كل هذا، يواصل الرئيس الاستقلالي تسيير الجهة بمنطق العلاقات والمصالح الضيقة، في ظل غياب تام لأي رؤية حقيقية تُحدث فرقاً في حياة المواطنين.
الرئيس الذي تحول إلى واجهة بروتوكولية لا يتحرك إلا عندما يحضر الوالي، يمارس سياسة “التمييز الجهوي”، يوزّع المشاريع بميزان الولاءات، ويغيب تماماً عن الميدان. أما ممثلو تازة وإفران وميسور داخل المجلس، فقد اكتفوا بالصمت المريب والانفصال عن قواعدهم، تاركين الساكنة تواجه مصيرها بلا صوت ولا دفاع.
في المقابل، لا تزال الشعارات البراقة عن “التنمية المتوازنة” و“تمكين الشباب والنساء” تُرفع في الاجتماعات المغلقة، بينما ترتفع نسب البطالة، وتختنق المقاولات المحلية، وتظل القرى تنتظر مشاريع تتجاوز آجالها عشر سنوات!
الساكنة اليوم فقدت الثقة في مجلسٍ كان يُفترض أن يكون رافعة تنموية للجهة، فإذا به يتحول إلى فضاء لتبادل المجاملات وتوزيع المناصب، وتلميع الفشل بأرقامٍ خادعة.
لقد حان الوقت لمساءلة ممثلي الأقاليم المهمشة، ومحاسبتهم على أدائهم داخل المجلس، فالناس لم يعودوا يصدقون خطابات “التنمية المندمجة” التي لم تدمج سوى الإقصاء واللامبالاة في قاموسها.
تازة، إفران وميسور لا تحتاج وعوداً جديدة، بل قرارات تخرج من المكاتب إلى الميدان… فالكرامة لا تُبنى بالبلاغات.