تهريب الهواتف يكلّف المغرب خسائر مالية ضخمة وسط تحذيرات من مخاطرها السيبرانية

حجم الخط:

هبة بريس – شفيق عنوري

تحولت تجارة الهواتف المحمولة المهرّبة إلى مصدر قلق متزايد في المغرب، بعد تنامي الظاهرة بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة وتسببها في خسائر مالية كبيرة لخزينة الدولة، إلى جانب ما تثيره من مخاطر تقنية وبيئية مرتبطة بهذه الأجهزة التي تدخل السوق بطرق غير قانونية.

وكشف تقرير صادر عن المؤسسة الأوروبية المتخصصة في الأمن السيبراني والتجارة الخارجية “يورو سيك”، أن مئات الآلاف من الهواتف المستعملة والمجددة تغادر سنوياً عدداً من الموانئ الأوروبية نحو دول شمال إفريقيا، وعلى رأسها المغرب، دون الخضوع للإجراءات الجمركية المعمول بها، ليجري ترويجها داخل الأسواق المحلية بأسعار منخفضة وبلا أي ضمانات للجودة أو السلامة التقنية.

وأوضح التقرير أن تدفق هذه الأجهزة إلى السوق المغربية أسهم في خلق حالة من عدم التوازن داخل قطاع بيع وتوزيع الهواتف، وسط معاناة الشركات والمستوردين الذين يشتغلون في إطار قانوني، بعد تزايد المنافسة غير المشروعة من قبل شبكات تهريب تستفيد من ثغرات المراقبة وتنامي الإقبال على الهواتف منخفضة السعر.

ونبهت “يورو سيك” إلى أن خطورة الهواتف المهرّبة لا تنحصر في الجانب المالي فقط، بل تمتد إلى المجال الأمني، خصوصاً أن العديد من هذه الأجهزة يتضمن برمجيات قديمة أو ثغرات مفتوحة يمكن استغلالها في أعمال قرصنة أو اختراقات سيبرانية، ما يجعلها مصدر تهديد محتمل للمستخدمين.

وأبرز التقرير أن جزءاً كبيراً من الهواتف التي تدخل البلاد بشكل غير قانوني ينتهي به المطاف في مكبات النفايات في وقت وجيز بسبب رداءة جودتها أو أعطالها التقنية، وهو ما يفاقم حجم المخلفات الإلكترونية داخل المملكة ويزيد الضغط على المنظومة البيئية.

وقدّرت المؤسسة الأوروبية عدد الهواتف المهرّبة التي تلج السوق المغربية بحوالي نصف مليون جهاز سنوياً، مع تسجيل خسائر ضريبية تناهز ملياري درهم، محذّرة في الوقت نفسه من أن الرقم مرشح للارتفاع ليصل إلى 800 ألف جهاز سنوياً، في ظل استمرار الطلب وضعف الرقابة على الأجهزة المستعملة والمجددة القادمة من الخارج.

ورغم الجهود التي تبذلها الأجهزة الجمركية والأمنية لمحاربة الظاهرة، فإن التقرير يشير إلى استمرار نشاط شبكات التهريب المنظمة، مستفيدة من التعقيدات التقنية المرتبطة بتتبع مسار الأجهزة الإلكترونية، ومن الإقبال المتزايد على الهواتف منخفضة التكلفة في السوق المحلية.

ودعت خلاصات التقرير الأوروبي إلى تعزيز الآليات الرقابية داخل الموانئ والمعابر الحدودية، وفرض تتبع صارم لمسار الأجهزة الإلكترونية المستعملة قبل إعادة إدخالها للأسواق، إلى جانب تشديد العقوبات على مهربي هذا النوع من السلع، بما يضمن حماية السوق الوطنية والحد من النزيف المالي الناتج عن هذا النشاط غير القانوني.