صندوق الزكاة بين الفتوى والتفعيل.. انتظار طال أكثر من عقدين

حجم الخط:

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

بعد صدور فتوى حديثة قبل يومين عن المجلس العلمي الأعلى بخصوص أحكام الزكاة، والتي حددت المقاييس والطريقة الشرعية لإخراجها، مع إطلاق بوابة إلكترونية جديدة تمكّن المغاربة من طرح أسئلتهم واستفساراتهم مباشرة على المجلس، يعود إلى الواجهة من جديد موضوع صندوق الزكاة المغربي، بعد أكثر من عشرين عاماً على إحداثه دون أن يفعَّل بالشكل الذي كان مأمولاً منه.

يُعد صندوق الزكاة، الذي أُحدث سنة 1998، من أبرز الآليات التي يمكن أن تساهم في دعم التنمية البشرية والاجتماعية بالمغرب. غير أن هذا الصندوق ظل، منذ تأسيسه، بدون قانون تنظيمي واضح أو موارد مالية ثابتة، ما جعله مشروعاً مؤجلاً لم يغادر بعد مرحلة النقاش والتصوّر، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى حلول تمويلية اجتماعية مستدامة لمحاربة الفقر والهشاشة.

ويؤكد عدد من الخبراء الاقتصاديين والمحاسبين أن تفعيل صندوق الزكاة بشكل فعّال يمكن أن يضيف إلى الاقتصاد الوطني ما يقارب 3% من الناتج الداخلي الإجمالي، أي ما يعادل 34 مليار درهم سنوياً، مقارنة بالمبالغ الحالية التي لا تتجاوز 3 مليارات درهم. موارد بهذا الحجم، إذا ما تم استثمارها في مشاريع إنتاجية وتنموية مدروسة، يمكن أن تسهم في تحسين دخل نحو 1,9 مليون أسرة فقيرة أو في وضعية هشاشة، وتمكينها من الانخراط في الدورة الاقتصادية على نحو أكثر استدامة.

وتشير تجارب عدد من الدول الإسلامية إلى أن إدماج الزكاة ضمن السياسات العمومية، مع إرساء آليات دقيقة للإدارة والرقابة، وإطلاق برامج موجهة لمحو الأمية، وتطوير المشاريع المدرة للدخل، يمكن أن يحقق أثراً ملموساً على مستوى مكافحة الفقر وتقليص التفاوت الاجتماعي.

وفي هذا السياق، أعلن المجلس العلمي الأعلى مؤخراً عن إعداد فتوى شاملة توضح أحكام الزكاة، بما في ذلك الأموال الناتجة عن الأنشطة الاقتصادية الحديثة، إلى جانب إطلاق موقع إلكتروني تفاعلي يُمكّن المواطنين من الاطلاع على التفاصيل الفقهية والإجرائية المرتبطة بهذا الركن الإسلامي.

ورغم هذه الخطوات الإيجابية، ما يزال السؤال المطروح: كيف يمكن ترجمة الإمكانيات المالية المنتظرة لصندوق الزكاة إلى برامج واقعية ملموسة؟ وكيف يمكن تجاوز العوائق القانونية والإدارية التي ظلت تحول دون تفعيله منذ أكثر من عقدين؟

يشار إلى أنه في هذا الإطار، وجهت النائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي، عن حزب العدالة والتنمية، سؤالاً للحكومة حول الإجراءات المزمع اتخاذها لتفعيل صندوق الزكاة، مؤكدة أن هذه الخطوة يمكن أن تُحدث تحولاً حقيقياً في دعم التنمية البشرية والاجتماعية، وتسهم في الحد من الفوارق الاقتصادية التي ما زالت تؤرق فئات واسعة من المجتمع المغربي.