الطيبي: القرار الأممي يؤسس لمرحلة جديدة من تنزيل الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية

حجم الخط:

هبة بريس – أحمد المساعد

نظمت جامعة محمد الأول بوجدة يوماً دراسياً خُصص لتدارس مضامين القرار الأممي رقم 2797 الصادر في 31 أكتوبر بشأن القضية الوطنية، وذلك بمشاركة أساتذة وباحثين مختصين في العلوم السياسية والعلاقات الدولية.

وفي مداخلته بالمناسبة، أكد زهر الدين الطيبي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالجامعة ذاتها، أن القرار الأممي الجديد يشكل منعطفاً مفصلياً في مسار القضية الوطنية، إذ جاء لترسيخ السيادة الوطنية للمملكة المغربية على أقاليمها الجنوبية، وللتأكيد على أن التفاوض لا يمكن أن يكون حول السيادة، بل حول شكل الحكم في إطار هذه السيادة.

وأوضح الطيبي أن القرار يؤسس لمرحلة جديدة عنوانها تنزيل الحكم الذاتي، مشيراً إلى أن التفاوض المقبل سيكون تقنياً يهم شكل التدبير الذاتي في الأقاليم الجنوبية، سواء من خلال برلمان جهوي أو حكومة محلية مصغّرة، لكن ضمن السيادة المغربية الكاملة وتحت رموزها الوطنية المتمثلة في العلم المغربي، والعملة الوطنية، والسياسة الخارجية، والدفاع الوطني، وإمارة المؤمنين.

وأضاف المتحدث أن الخطاب الملكي الأخير جاء ليجدد المقاربة المغربية في التعاطي مع هذا الملف من خلال دبلوماسية اليد الممدودة تجاه الجزائر، حيث شدد جلالة الملك على أن اليد الممدودة ستظل ممدودة دائماً، وأن لا غالب ولا مغلوب في سبيل إيجاد حل توافقي يضع حداً لهذا النزاع المفتعل الذي عمر لأكثر من نصف قرن.

وفي هذا السياق، دعا الطيبي الجزائر إلى الانخراط الإيجابي في مسار الحل، مشيراً إلى أنه حتى إذا اعتبرت نفسها ليست طرفاً في النزاع، فعليها أن تكون طرفاً في الحل، بما يخدم استقرار المنطقة وتنميتها المشتركة.

وأشار كذلك، إلى أن استمرار هذا النزاع كلف الخزينة الجزائرية أزيد من 500 مليار دولار، وهي مبالغ ضخمة كان يمكن توجيهها نحو تنمية الجزائر وبناء اتحاد مغاربي قوي، فضلاً عن أن إغلاق الحدود بين المغرب والجزائر تسبب في خسارة تقدر بـ2% من نسبة النمو في كلا البلدين.

كما لفت إلى أن ضعف التجارة البينية المغاربية يمثل أحد أبرز تجليات هذا الجمود السياسي، إذ لا تتجاوز 15% بين الدول الإفريقية، وهي النسبة الأدنى في شمال إفريقيا، مقارنة بـ67% بين دول الاتحاد الأوروبي و58% في آسيا، ما يعكس الحاجة الملحة إلى فتح صفحة جديدة من التعاون والتكامل الاقتصادي بين الدول المغاربية.

وختم الطيبي مداخلته بالتأكيد على أن المرحلة الراهنة تستدعي إعادة النظر في الحسابات السياسية، والانتقال من منطق التنافس على القيادة إلى منطق الشراكة والتكامل، لبناء مستقبل مغاربي مشترك يقوم على الاستقرار والتنمية والتضامن الإقليمي.