هبة بريس-إ.السملالي
تحوّل الزواج في الفضاء المغاربي، خلال السنوات الأخيرة، من لحظة خاصة وعائلية إلى مادة خام لتحقيق “البوز” واحتلال “الطوندونس” على منصات التواصل الاجتماعي.
الكثير من صُنّاع المحتوى لم يعودوا يكتفون بمشاركة حياتهم اليومية، بل جعلوا من حياتهم الزوجية مسرحًا مفتوحًا، يُعرض على الجمهور حلقةً بحلقة، وكأنها جزء من مسلسل لا ينتهي.
في المغرب، تابع الجمهور حفلات خطوبة وأعراس جرى بثها مباشرة على “إنستغرام” و”يوتيوب”، حيث يُحوَّل كل تفصيل صغير إلى مشهد قابل للاستغلال في صناعة المحتوى. أما بعض المؤثرين، فاختاروا مشاركة شهر العسل أو تفاصيل حياتهم الزوجية بدقة مبالغ فيها، ليظل اسمهم حاضرًا في “الطوندونس”، حتى ولو كان الثمن كشف خصوصيتهم بالكامل.
لكن الأغرب هو تحويل الخلافات الزوجية إلى “شوهة” علنية، تُبث أمام ملايين المتابعين. تراشق، اتهامات، وحتى صراعات مع عائلات الأزواج، كلها تتحول إلى مادة مثيرة تجذب التعليقات والمشاهدات. وهنا يفقد الزواج رمزيته الإنسانية والاجتماعية، ليتحول إلى سلعة رقمية هدفها الأوحد جلب التفاعل والربح.
هذه الظاهرة لا تقتصر على المغرب وحده، بل تمتد إلى الجزائر وتونس، حيث برزت زيجات بين مؤثرين من جنسيات مختلفة، أو “قصص حب” يتم تقديمها على أنها استثنائية، قبل أن تنقلب في كثير من الأحيان إلى مشاهد شجار وصراع لا تقل “إثارة” عن الأعمال الدرامية.
ورغم قوة حضور هذه الظواهر، فإن المتابعين المغاربة أبانوا عن وعي متنامٍ. فبينما ينجرف بعضهم وراء الفرجة الافتراضية، صار آخرون أكثر نقدًا، واعتبروا أن “البوز” لا يعكس بالضرورة الواقع، وأن “الشوهة” ليست سوى لعبة رقمية هدفها شد الانتباه لا أكثر.