هبة بريس – أحمد المساعد
في مداخلة له خلال اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال لمناقشة الدخول المدرسي 2025/2026، وجّه النائب البرلماني عمر اعنان، عن الفريق الاشتراكي، انتقادات حادة للواقع الاجتماعي والتربوي الذي يرافق انطلاق الموسم الدراسي الجديد، معتبرا المدرسة العمومية تُستقبل ك”عبء لا كأفق للارتقاء”.
وافتتح اعنان مداخلته برسم مشهد مكثف يلخص أزمة الدخول المدرسي، مشيرا إلى التلميذ الذي يعود إلى مدرسته “فاقدا للأمل”، وتحيط به أسرة مثقلة بـ”قلق دفين” جراء تكاليف العيش، وشاب “مجاز وعاطل” يقرأ في ملامحه “مرارة الانتظار الطويل”.
وشدد النائب البرلماني على ضرورة الحديث بـ”واقعية ومسؤولية” عن دخول مدرسي يأتي في سياق “صرخة جيل جديد من الشباب المغربي، جيل ‘Z’، الذي يطالب بإصلاح حقيقي يعيد للمدرسة العمومية رسالتها كـ”رافعة للعدالة الاجتماعية”.
وتساءل اعنان بحدة: “هل ستستمع الحكومة لصوت جيلٍ بأكمله يطالب بتعليمٍ يليق بكرامته وطموحاته؟”، مؤكدًا أن الدخول المدرسي أصبح “مرآة لواقعٍ متعثر” تُثقله الاختلالات البنيوية، مثل الاكتظاظ، وهشاشة البنيات، والخصاص في الأطر، وغياب العدالة المجالية.
وعلى الرغم من تثمينه للمجهودات المبذولة لتنزيل خارطة الطريق 2022-2026، سجّل النائب البرلماني “بقلقٍ استمرار الفجوة بين التصور والتنفيذ”. وأشار إلى أن مشروع “مدارس الريادة”، رغم أهميته، يظل “محدود الأثر” ما دامت تحيط به مؤسسات تعاني من ضعف التأطير والتجهيز.
وحذر اعنان من مخاطر التسرع في تعميم المشروع، مشيرًا إلى تقارير تفيد بأنه يعاني من “نقص في الإنصاف، وتفاوتات جهوية، وضعف في الوسائل”، مما قد يؤدي إلى “تراجع الجودة وضعف الاستدامة”. كما انتقد المقاربة الشمولية المعتمدة في معالجة ضعف المهارات الأساسية، مؤكدًا أنها “لا تراعي الفروق الفردية”، وقد تساهم في “تراجع مستوى المتفوقين”.
وفي إشارة هي الأكثر إثارة للجدل في المداخلة، وجه النائب نقدًا لاذعًا لجودة المحتوى التعليمي، مستغربًا من نص ورد في كتاب التربية الفنية للسنة الرابعة ابتدائي يتضمن عبارات “سطحية” وغير ذات معنى من قبيل: “يقوم بحركات بسيفه باه! بام! باق! طراق! طرطلاق! ساق! سرملاق! زداف! زدردلاف…”.
واستنكر اعنان قائلًا: “هل بمثل هذا المحتوى التافه نُكوّن جيل الريادة؟ أين القيم الجمالية، والخيال المبدع، والذوق الفني؟”، ليطلق نداءً صريحًا “فلنصرخ وننادي ‘وا بوكمخاه !!!!'” في تعبير عن الصدمة من مستوى المناهج.
كما ذّكر النائب البرلماني الحكومة بخطاب جلالة الملك أمام البرلمان، الذي ركّز على ثلاثية جوهرية لضمان الاستقرار الاجتماعي هي: النهوض بالتعليم، وتعميم الولوج إلى الصحة، وتوفير فرص الشغل للشباب. واعتبر أن هذه الثلاثية تمثل جوهر “المشروع المجتمعي الاتحادي” والمطالب التي يعبر عنها الجيل الجديد.
وختم اعنان مداخلته بالتأكيد على أن أزمة التعليم “أعمق من أن تُختزل في اختلالات تدبيرية”، فهي نتاج تراكم تاريخي “لاختيارات اقتصادية واجتماعية أفرزت تفاوتات مجالية صارخة”، مشددًا على أن إصلاح المدرسة المغربية لن يتحقق إلا عبر رؤية وطنية جماعية تُعيد الاعتبار للمدرسة العمومية كـ “رافعة للعدالة الاجتماعية والمجالية”.