هبة بريس
التمس ممثل النيابة العامة لدى محكمة حسين داي بالجزائر العاصمة، يوم أمس الثلاثاء، حكما بالسجن ثلاث سنوات نافذة وغرامة قدرها 300 ألف دينار ضد المنسق الوطني لحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية (MDS) فتحي غراس، في قضية تكشف من جديد الوجه القمعي للقضاء الجزائري الخاضع لسلطة النظام العسكري.
تهم ملفقة
ويواجه غراس، وفق ما أكّدته المحامية فطة السادات، تهمتين ملفقتين تتعلقان بـ“إهانة هيئة نظامية” و“نشر معلومات كاذبة من شأنها المساس بالنظام والأمن العام”، وهي عبارات فضفاضة كثيراً ما يستخدمها القضاء لتكميم أفواه المعارضين، بموجب المادتين 146 و196 مكرر من قانون العقوبات الجزائري.
وخلال جلسة المحاكمة، طالبت هيئة الدفاع بالبراءة الكاملة لموكلها، معتبرة أن التهم الموجهة إليه لا تستند إلى أي أساس قانوني أو واقعي، مشددة على أن ما صدر عن غراس يدخل في إطار حرية التعبير المكفولة دستورياً، والتي قررت السلطات الجزائرية منذ سنوات تصعيد خنقها بالبلاد.
وتعود تفاصيل القضية إلى 29 شتنبر الماضي، حين تم توقيف المعارض فتحي غراس ووضعه رهن الاعتقال للنظر في قضيته، قبل أن يُحال في اليوم الموالي إلى نيابة محكمة حسين داي، التي أمرت بإحالته على جلسة “المثول الفوري”.
غياب ضمانات المحاكمة العادلة
ورغم مطالبات الدفاع المتكررة بإطلاق سراحه، قررت المحكمة حينها تأجيل الجلسة إلى 7 أكتوبر مع وضعه تحت “الرقابة القضائية”، قبل أن تؤجل مرة أخرى إلى 14 أكتوبر، في محاكمة جديدة اتسمت – كما العادة – بغياب ضمانات المحاكمة العادلة. وبعد الاستماع إلى المرافعات، قررت المحكمة تأجيل النطق بالحكم إلى 21 أكتوبر 2025، في أسلوب بات روتيناً لدى القضاء الجزائري لإطالة معاناة المعارضين.
ويُعرف فتحي غراس بخطابه الجريء والمعارض والمنتقد للسلطات الجزائرية، سواء عبر المنابر الإعلامية أو مواقع التواصل الاجتماعي، وكان من أبرز الرافضين للمسرحية الانتخابية التي نظّمها النظام العسكري في شتنبر تحت مسمى “الانتخابات الرئاسية”، والتي قاطعها عدد كبير من الأحزاب والشخصيات السياسية.
ويأتي هذا الحكم في سياق حملة متواصلة تستهدف الأصوات الحرة، إذ سبق أن جمد القضاء الإداري نشاط حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية بطلب من وزارة الداخلية، التي اتهمت الحزب بتنظيم “نشاطات غير مرخصة”، في خطوة اعتبرها الحقوقيون محاولة لتصفية آخر ما تبقى من المعارضة المدنية في البلاد.