تحول إلى بؤرة لتمويل الإرهاب.. تقرير دولي يفضح فساد النظام المالي الجزائري

حجم الخط:

هنا بريس

بينما تواصل “مجموعة العمل المالي” (FATF) إدراج الجزائر في قائمتها الرمادية ضمن الدول التي لا تبذل الجهود الكافية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وجدت السلطات الجزائرية نفسها مضطرة للاعتراف بفشل منظومتها البنكية والمالية، التي تعاني من ثغرات خطيرة أصبحت مصدر قلق دولي متزايد.

وقد كشف تقرير حديث صادر عن بنك الجزائر بالتعاون مع البنك الدولي، بعنوان “ملخص تقرير التقييم القطاعي لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب في القطاع المصرفي وبريد الجزائر”، عن واقع مقلق يفضح هشاشة النظام المالي الجزائري وتحوله إلى منفذ لتبييض الأموال وتمويل أنشطة مشبوهة، في ظل تفشي اقتصاد موازٍ يلتهم ما بين 30 و35% من الناتج الداخلي الخام.

التقرير أشار بوضوح إلى أن الأموال المتأتية من نشاطات غير قانونية تجد طريقها بسهولة إلى قطاعات عدة، وفي مقدمتها سوق العقارات، ما يجعل من الجزائر أرضاً خصبة لتدوير أموال الجريمة المنظمة والإرهاب.

ورغم ما تتحدث عنه السلطات من “إصلاحات قانونية ومؤسساتية”، مثل قانون الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب أو القانون النقدي والمصرفي لسنة 2023، إلا أن النتائج على الأرض تبقى هزيلة، حيث صنّف التقرير مستوى المخاطر في النظام المالي الجزائري بين “المتوسط والمرتفع”.

واعترف بنك الجزائر صراحة بأن السوق الموازية تشكل التحدي الأكبر أمام السلطات، إذ تظل مسؤولة عن تدوير مبالغ ضخمة خارج القنوات الرسمية، ما يجعل تتبع حركة الأموال مهمة شبه مستحيلة ويخلق بيئة مثالية لعمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ويشير خبراء صندوق النقد الدولي إلى أن النظام المصرفي الجزائري ما يزال يعتمد على المعاملات النقدية “الكاش” بشكل مفرط، سواء في البنوك أو لدى مؤسسة بريد الجزائر، وهو ما يعكس ضعف الرقابة وانعدام الشفافية.

كما سجل التقرير استمرار هيمنة ثقافة الدفع نقداً لدى الشركات والأفراد على حد سواء، ما يحد بشكل كبير من قدرة السلطات المالية على مراقبة التدفقات المالية، رغم محاولات الدولة الترويج لاستخدام وسائل الدفع الإلكتروني التي لا تزال محدودة الانتشار.

كما يعري هذا التقرير مرة أخرى ضعف المنظومة المالية الجزائرية وعجزها عن مواكبة المعايير الدولية، في وقت يتعمق فيه تغلغل الاقتصاد غير الرسمي ويزداد ارتباطه بشبكات مشبوهة تضر بسمعة البلاد ومصالحها الاقتصادية.