هبة بريس – عبد اللطيف بركة
يعيش المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير حالياً مرحلة تحوُّلٍ نوعيّة، بعد سلسلة من الاحتجاجات التي شغلت الرأي العام المحلي والوطني في الأشهر الأخيرة. فقد كان المستشفى، الذي يعتبر واحداً من أعرق المؤسسات الصحية في المنطقة، مسرحاً للعديد من الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية من قبل العاملين فيه، وذلك بسبب الظروف الصعبة التي كانت تعاني منها المنشأة في مجالات متعددة، أبرزها نقص التجهيزات الطبية، والأعباء الثقيلة على الطواقم العاملة.
لكن في الآونة الأخيرة، يبدو أن الرياح قد بدأت تغير اتجاهها، فبعد أن شهد المستشفى زخماً كبيراً من الاحتجاجات التي تطالب بتحسين الأوضاع، خصوصاً بعد تطبيق قانون منع الإضراب الذي دخل حيز التنفيذ، أصبح المستشفى اليوم أكثر استقراراً، ومما لا شك فيه أن هذا التحول يرجع إلى مجموعة من العوامل التي اجتمعت لتصنع أفقاً جديدا لأهم مؤسسة صحية بالجهة .
تغيير القيادة ومسار الإصلاح
من أبرز أسباب هذا التحول كان تغيير المسؤولين على رأس القطاع الصحي بالجهة. فقد جاء هذا التغيير ليعكس إرادة حقيقية في تحسين الأوضاع الصحية، وهو ما ظهر جلياً في توافد المعدات الطبية الحديثة والمتطورة التي وصلت إلى المستشفى في الأسابيع الماضية. وتعد هذه التجهيزات إضافة نوعية ستسهم في تحسين الرعاية الصحية المقدمة للمرضى، خاصة في ظل زيادة الضغط الناتج عن تزايد أعداد المراجعين.
ومع وصول هذه المعدات الجديدة، بدأت ملامح التحسن تظهر بشكل ملحوظ في مختلف أقسام المستشفى. وحديث الشارع المحلي لا يقتصر على الأجواء الإيجابية داخل المستشفى وحسب، بل يعكس ارتياحاً واضحاً في أوساط المواطنين الذين باتوا يشعرون بأنهم على مشارف لحظة فارقة في مستوى الرعاية الصحية المتاحة لهم. لقد أصبحت آمالهم أكبر، وهم يرون المعدات الحديثة تساهم في تحسين نوعية الرعاية وتخفيف الأعباء عن العاملين في المستشفى.
الاحتجاجات والمصير المجهول
ورغم هذا التحسن، فإن الطريق لم يكن مفروشاً بالورود. فقد شهد المستشفى في الأشهر الماضية سلسلة من الاحتجاجات التي تنوعت بين الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية، مما أعطى انطباعاً أن الوضع كان يسير نحو انفجار متوقع. وكان العاملون في المستشفى يطالبون بتحسين ظروف العمل والاعتراف بحقوقهم المشروعة، في وقت كانت فيه شكاوى المواطنين تتزايد من نقص الإمكانيات وجودة الخدمات.
ورغم دخول قانون منع الإضراب حيز التنفيذ، الذي أدى إلى منع العاملين من الاستمرار في احتجاجاتهم العلنية، إلا أن هذا لم يوقف الحديث حول الحقوق المشروعة للمستشفى والعاملين فيه. ومع ذلك، فإن تطبيق هذا القانون أسهم في فرض حالة من الاستقرار النسبي، حيث بدأ العمل يشهد نوعاً من الانسيابية التي كانت مفقودة في السابق.
آفاق المستقبل
في النهاية، يبقى التساؤل الأهم: هل ستظل هذه التحسينات ثابتة، أم أن هناك تحديات جديدة ستظهر مستقبلاً؟ إن تفاؤل المواطنين والتقدير الذي أبدوه للطواقم الطبية والإدارية في المستشفى يشير إلى أن الخطوات التي تم اتخاذها حتى الآن قد تكون بداية جيدة على طريق إصلاح النظام الصحي في المنطقة. لكن، كما هو الحال دائماً، يبقى التحدي الأكبر في ضمان استدامة هذا التغيير وتكريس ثقافة الإصلاح والعمل الجماعي المستدام.
و يبقى المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير رمزاً للصمود في مواجهة التحديات، ويبقى المواطنون يأملون في المزيد من التطوير في ظل هذا التحول الإيجابي الذي أصبح يلمسونه في واقعهم الصحي.