بين الاحتجاج و الإجرام.. التعاطف مع “جيل Z” لن يكون على حساب استقرار الوطن

حجم الخط:

هبة بريس ـ الدار البيضاء

الأحداث التي شهدتها بعض شوارع مدننا في الساعات الماضية، من تخريب ونهب وإحراق للسيارات وحاويات القمامة وإشعال للعجلات المطاطية، و رشق بالحجارة استهدف القوات العمومية والمواطنين، لا يمكن أن تصنف في خانة الاحتجاج المشروع أو التعبير السلمي عن الرأي، ما وقع كان فعلا إجراميا خطيرا، يهدد استقرار الوطن ويزرع الخوف في نفوس الناس، وهو مرفوض جملة وتفصيلا.

نعم، نحن في حاجة ماسة إلى الإصغاء لصوت الشباب، خاصة جيل Z، الذي كبر في عالم متغير، وتتنازعه التحديات المعيشية والرقمية والوجدانية، هؤلاء الشباب لهم تطلعاتهم وانتظاراتهم، ومن واجب الدولة والمجتمع أن يوفرا لهم قنوات حضارية للتعبير، وفرصا عادلة للعيش بكرامة والمشاركة الفاعلة في الشأن العام.

التعاطف مع هذا الجيل ضروري ومشروع، لكن التعاطف لا يعني التساهل مع من يخلط بين الحرية والفوضى، ولا يمكن أن يتحول إلى غطاء لمن يحرق أو ينهب أو يعتدي على الناس.

جيل Z ليس متهما بالجملة، ولا يجوز اختزاله في بعض المنفلتين و المشاغبين، لكن في الوقت ذاته، لا يمكن أن نغض الطرف عن خطورة ما جرى، فمن يرفع مطالبه بطرق حضارية سيجد من يصغي إليه، أما من يصر على لغة التخريب فسيتحمل مسؤولية اختياره أمام القانون والمجتمع.

الحرية لا تعني الاعتداء على الممتلكات، والاحتجاج لا يترجم بقطع الطرقات أو زرع الرعب بين المواطنين، إن أي انزلاق إلى الفوضى يفتح الباب أمام دوامة مظلمة لن تغلق بسهولة، ويهدد كل ما بني على مدى سنوات من استقرار وأمن، لذلك، من واجب السلطات أن تتحلى بالحزم في التصدي للتجاوزات، بنفس القدر الذي تتحلى فيه بالحكمة في فتح مسارات الحوار والتأطير.

الوطن أمانة كبرى، لا يمكن أن يكون ضحية لمغامرات بعض المتهورين، والاستقرار ليس ترفا، بل شرطا أساسيا لأي إصلاح أو تغيير حقيقي، إن كنا نريد مستقبلا أفضل لشبابنا، فعلينا أن نحصن الوطن من الفوضى، ونؤمن أن التعبير المشروع يمر عبر القنوات السلمية، لا عبر النار والدخان والحجارة.

جيل Z يستحق أن نفتح له الأبواب، لا أن نتركه فريسة للشعارات الفارغة أو الانفلات الخطير، الوطن بحاجة إلى طاقته وابتكاره وإبداعه، لكن الوطن أيضا بحاجة إلى أمنه واستقراره، فلا إصغاء ولا تعاطف خارج هذا الإطار، باختصار لا تعاطف مع الفوضى، الوطن أولا وأخيرا.