هبة بريس – عبد اللطيف بركة
تواجه جماعة إيغرم، التابعة ترابياً لإقليم تارودانت، وضعاً قانونياً شائكاً وغير مسبوق على الصعيد الوطني، بعدما تعذّر على رئيس المجلس الجماعي تنفيذ حكم قضائي صادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش، يقضي بإلغاء قرار إقالة أحد أعضاء المجلس.
تعود تفاصيل هذه الأزمة إلى قيام رئيس جماعة إيغرم، خلال دورة استثنائية في نونبر 2023، باستصدار مقرر تحت عدد 57، يقضي بإقالة المستشار الجماعي “إ.ع”، بسبب تغيب هذا الأخير عن خمس دورات بدون مبرر، وفقاً للمادة 67 من القانون التنظيمي 113.14. غير أن هذا القرار، كما ثبت لاحقاً، شابته خروقات مسطرية، أبرزها عدم استدعاء المعني بالأمر بصفة قانونية لحضور الدورة والاستماع إليه، فضلاً عن غياب أي عرض أو مناقشة لسجلات الحضور التي يفترض أن تُبنى عليها الإقالة.
المستشار المعني قدّم، في 15 يناير 2024، طعناً أمام المحكمة الإدارية بأكادير، أرفقه بوثائق تُبرر غيابه وتطعن في قانونية المقرر. وبعد مداولات، قضت المحكمة في 20 فبراير 2024 بإلغاء القرار رقم 57، مؤكدة أن شروط الإقالة المنصوص عليها قانوناً لم تُستوف، وهو ما عززته محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش في حكمها الصادر بتاريخ 29 شتنبر 2024، تحت عدد 3494، ليصبح الحكم نهائياً وباتاً.
غير أن هذا القرار القضائي وجد طريقه إلى التعطيل، بعدما بادرت السلطات الإقليمية إلى تنظيم انتخابات جزئية لملء المقعد الشاغر، قبل صدور الحكم النهائي، وهو ما اعتُبر تجاوزاً قانونياً. ذلك أن المسطرة القانونية تشترط مرور 3 أشهر على الأقل بعد شغور المقعد، وهو ما لم يُحترم، كما أن النزاع القضائي كان لا يزال قائماً لحظة الدعوة إلى الانتخابات.
وبفعل هذه الانتخابات، ارتفع عدد أعضاء المجلس الجماعي لإيغرم إلى 17 عضواً، في حين أن المرسوم الوزاري المحدد لعدد أعضاء الجماعة ينص على 16 عضواً فقط، ما يجعل الوضعية الحالية مخالفة للقانون.
في تصريح له، أقر رئيس الجماعة بصعوبة تنفيذ الحكم القضائي، معتبراً أن الوضعية القانونية والواقعية للمجلس بعد الانتخابات الجزئية تجعل تنفيذ قرار إلغاء الإقالة أمراً معقداً. ويطرح هذا الإشكال تساؤلات جدية حول مدى احترام السلطات الإدارية للقضاء، كما يفتح الباب أمام نقاش دستوري حول مدى إلزامية تنفيذ الأحكام القضائية، خصوصاً في حالة تعارضها مع قرارات اتُخذت قبل البت النهائي فيها.
ويبقى السؤال المطروح: كيف سيتعامل عامل إقليم تارودانت مع هذا الوضع القانوني الشاذ؟ وهل يُعد تعذر تنفيذ حكم قضائي من طرف رئيس جماعة محلية شكلاً من أشكال التملص من تنفيذ العدالة أو احتقاراً لحكم قضائي نهائي؟.