هبة بريس – فكري ولدعلي
صدر حديثًا عن دار القادسية للطبع والنشر الإصدار الشعري الجديد للشاعرة والأديبة المغربية إمهاء مكاوي، بعنوان “أزاهير الأندلس وأمجاد الصحراء المغربية وقصائد أخرى”، ليكون بذلك رابع عمل أدبي يضاف إلى ريبرتوارها الزاخر بالإبداع والتميز. ويأتي هذا العمل الشعري بعد ثلاثة إصدارات بارزة هي: “زئير الموج”، و”نيران لا تحرق”، وكتابها النقدي والتأملي “حوارات، تأملات وآراء على نغمات الشعر والزجل”، ما يعكس مسارًا أدبيًا رصينًا يتنفس جمال اللغة وحرارة القضايا.
في كتابها الشعري الجديد، تسافر بنا الشاعرة عبر بوابات التاريخ والهوية، مستحضرة شذى الأندلس وعبق الصحراء، من خلال قصائد موزونة تجمع بين البعد الاجتماعي والإنساني والوطني. ويتوّج هذا العمل بمعلقة شعرية طويلة جاءت بعنوان “قوافي الأندلسَ تتدفق شعرا”، من بحر الكامل، وهي المعلقة التي تشكّل العمود الفقري للكتاب، حيث نلمس فيها امتزاجًا بارعًا بين الشعر والبلاغة والسرد التاريخي، بأسلوب ملحمي يربط الماضي بالحاضر برؤية شعرية فريدة.
أبرزت الشاعرة في هذه المعلقة الدور البارز الذي اضطلع به مغاربة الصحراء، خاصة المرابطين والموحدين ، في الدفاع عن الإسلام بالأندلس، مستعرضة وقائع وشخصيات تاريخية بلغة عالية وجزالة متينة، ما يُضفي على النص نكهة من الأصالة والعمق الفكري. كما تطرّقت الشاعرة إلى ملاحم الفرسان المغاربة الذين سطّروا أمجادهم في أرض الأندلس بثبات وشجاعة، مؤكدة أن الإيمان ووحدة الصف كانا ولا يزالان سرّ كل انتصار. مع مناشدتها للتسامح و التعايش و السلام الذي كان يجمع المغاربة و العرب و العجم
لا يخفى على القارئ أن الشاعرة إمهاء مكاوي تحمل رصيدًا غنيًا من المشاركات والتكريمات، فقد توّجت بالعديد من الجوائز الوطنية والدولية، من أبرزها الرتبة الأولى ودرع التميز والإبداع من سمو الأميرة الشيخة الكويتية نوال الصباح. كما ساهمت في الحقل الثقافي والتربوي من خلال إشرافها على برامج ثقافية بمؤسسات تعليمية تابعة لوزارة التربية الوطنية، إلى جانب عضويتها في لجان تحكيم مسابقات شعرية بأكاديميات دولية وبالمدرسة العليا للأساتذة بمارتيل – تطوان.
يُعد هذا الكتاب تجسيدًا حقيقيًا لشعرٍ موزون يحمل رسالة، ويُزاوج بين الهوية والالتزام، التاريخ والجمال، الانتماء والإبداع الحقيقي، ليمنح القارئ لحظة تأمل في الذات والذاكرة، ويضعه أمام مرآة الوطن بلغة تفيض صدقًا وبهاءً شعريًا.