عامل تاونات يطفئ فتيل بوعروس.. بين صراع المصالح ومطلب الماء الشروب

حجم الخط:

هبة بريس – ع محياوي

في مشهد يعكس حرارة الشارع التاوناتي المتعطش للإنصات، وجد عامل إقليم تاونات نفسه صباح اليوم الثلاثاء 23 شتنبر الجاري، أمام واحد من أكثر الملفات حساسية: أزمة الماء بجماعة بوعروس وملفات أخرى.

هذه الأزمة التي تحولت في الأيام الأخيرة إلى وقود احتجاجي، كادت أن تنفلت من إطارها الاجتماعي لتصبح ورقة انتخابية تتقاذفها التيارات السياسية والجمعوية.

شرارة الاحتجاج: الماء سبب والغضب نتيجة

المطلب الأساسي كان بسيطاً: ماء صالح للشرب يصل إلى البيوت بلا انقطاع ولا أعطاب متكررة. لكن المكتب الوطني للماء بالإدارة الجهوية ـ المتهم الأول من طرف السكان ـ ظل يماطل في إخراج مشاريع مبرمجة إلى حيز الوجود. ومع ضعف متابعة الجماعة الترابية، تراكمت المشاكل حتى انفجرت في احتجاجات قادها شباب المنطقة.

السياسة تركب على الموجة

بينما خرج السكان بصدق يطالبون بحقوقهم الأساسية، تحركت أطراف سياسية متصارعة لتحويل الملف إلى “ساحة لتصفية الحسابات”. بعض المستشارين الجماعيين والأحزاب المتناحرة وجدوا في احتجاجات بوعروس فرصة للظهور، بل إن جمعيات محسوبة على تيارات يسارية وجماعات محظورة حاولت بدورها استثمار الوضع لتوسيع نفوذها.

عامل الإقليم.. كفاءة وخبرة في مواجهة الأزمات

يُجمع المتتبعون على أن عامل إقليم تاونات يُعد من الأطر ذات الكفاءة العالية، بخبرة ميدانية وأخلاق مهنية راقية، وقد بصم على عدة مشاريع تنموية بالإقليم. في المقابل، حاول بعض السياسيين الذين لا يملكون أي صيت أو وزن حقيقي أن يركبوا على موجة الاحتجاجات، غير أن وجوههم أصبحت مكشوفة للرأي العام، ومعروفة “على رؤوس الأسابيع”.

حوار في الوقت المناسب

أمام هذا المشهد، بادر عامل الإقليم صالح دحا إلى جمع ممثلي الساكنة بقاعة الاجتماعات الرسمية، مؤكداً أن الدولة لن تسمح بتحويل هموم المواطنين إلى مطية انتخابية. عامل الإقليم شدّد على ضرورة تسريع إنجاز مشاريع الماء، وحمّل المسؤوليات لكل جهة معنية، داعياً إلى الوضوح، ومعلناً رفضه لأي مزايدات أو مغالطات.

لجنة محلية.. وصوت واحد

تجاوب السكان مع هذه الخطوة، وشكّلوا لجنة محلية لتمثيلهم، واضعين حداً لفوضى الأصوات المتعددة. هذه اللجنة تعهّدت برفع بلاغ رسمي للرأي العام، يكشف حقيقة الوضع، ويقطع الطريق أمام من وصفهم المحتجون بـ”تجار الأزمات”.

أزمة أعمق من بوعروس

ملف بوعروس ليس معزولاً، بل يعكس إخفاقات متراكمة في تدبير الماء بعدة جماعات بتاونات، حيث يشتكي المواطنون من تأخر المشاريع وضعف المتابعة الإدارية. ومع ذلك، تبقى مبادرة الحوار التي قادتها عمالة الإقليم بارقة أمل في إعادة الثقة، ووضع الملف على سكّة المعالجة الجادة، بعيداً عن أي استغلال سياسي ضيق.