هبة سبور-يوسف أقضاض
يصنع المنتخب الوطني المغربي إحدى أبرز الصفحات في تاريخ كرة القدم الوطنية وهو يعود إلى الشيلي بعد 64 سنة من “الظلم التحكيمي والمؤسساتي” الذي حرمه من الظهور في كأس العالم سنة 1961 فئة الكبار، حين فرضت “الفيفا” مباراة سد أمام إسبانيا حرمت المغرب من حلمه العالمي. اليوم، يعود المغاربة إلى الأرض ذاتها ليس كضيوف مرحلة، بل كمرشحين للتتويج وصناعة مجد غير مسبوق.
هذا الجيل الصاعد لم يعتمد على العاطفة أو الشعارات، بل على العمل والاحترافية والانضباط. فقد برهن اللاعبون على أن الإيمان بالذات والجدية والروح الجماعية يمكن أن تهزم التاريخ وتعيد كتابة المعادلات الرياضية العالمية.
تأهل المنتخب الوطني إلى النهائي وضعه في خانة الكبار، إذ لم يسبق سوى لمنتخبات قليلة من خارج أوروبا وأمريكا الجنوبية أن بلغت هذه المرحلة: قطر (1981)، نيجيريا (1989 و2005)، غانا (1993 و2001)، وغانا التي تمكّنت وحدها من التتويج سنة 2009 بمصر. واليوم، يقترب المغرب من معادلة هذا الإنجاز وربما تجاوزه.
المدرب محمد وهبي كان “مهندس الملحمة”، إذ أدار المباريات بعقلية تكتيكية عالية، وأجرى تغييرات حاسمة في لحظات فارقة، وتعامل بذكاء مع كل الطوارئ، ما جعله ليس فقط مدرباً، بل صانع سيناريو الانتصار. وهبي أعاد للمنتخب روح المبادرة والواقعية، ونجح في خلق هوية لعب واضحة تعتمد على القوة الذهنية قبل التقنية.
الأهم أن هذا التأهل هو أول نهائي عالمي للمغرب منذ دخوله التصفيات المونديالية لأول مرة سنة 1960 أمام تونس، ما يمنح الإنجاز بُعداً تاريخياً عميقاً: من محاولة أولى فاشلة إلى نهائي عالمي بعد أكثر من ستة عقود.
اليوم، يقف المنتخب المغربي للشباب على أعتاب لحظة فارقة: إما الاكتفاء بصناعة التاريخ عبر الوصول إلى النهائي، أو صناعة المجد بالتتويج بأول لقب عالمي في تاريخ الكرة الوطنية. وبين الماضي المؤلم والحاضر المشرق، يبدو أن هذا الجيل قرر أن يحوّل “ظلم الأمس” إلى “أسطورة الغد”.