اشتوكة.. هذه توقعات الزيادة في الطاقة الإنتاجية لمحطة تحلية مياه البحر

حجم الخط:

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

في ظل تنامي التحديات المرتبطة بندرة المياه، واتساع رقعة المناطق المتضررة من الإجهاد المائي، يُواصل المغرب تنفيذ مشاريعه الاستراتيجية في قطاع تحلية مياه البحر، باعتباره أحد الحلول الهيكلية لتعزيز الأمن المائي على المدى البعيد.

ويُعد مشروع توسعة محطة تحلية مياه البحر باشتوكة آيت باها، نواحي أكادير، نموذجًا دالًا لهذا التوجه، لما يمثله من نقلة نوعية في تدبير الموارد، واستجابة عملية للطلب المتزايد على الماء الشروب ومياه الري.

– مشروع استراتيجي بأبعاد متعددة

وفق معطيات وزارة التجهيز والماء، فإن التوسعة الجارية سترفع الطاقة الإنتاجية للمحطة من 275 ألف متر مكعب إلى 400 ألف متر مكعب يوميًا، أي بزيادة تعادل 125 ألف متر مكعب إضافية يوميًا، ما سيمكن من تلبية حاجيات أزيد من مليوني نسمة، وري حوالي 13 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية.

هذا المشروع لا يكتسي طابعًا محليًا فحسب، بل يُصنّف كأحد أكبر مشاريع تحلية مياه البحر على مستوى القارة الإفريقية، ويُرتقب أن يساهم بشكل مباشر في تخفيف الضغط على الموارد المائية التقليدية، التي تعرف استنزافًا متسارعًا نتيجة توالي سنوات الجفاف وتراجع التساقطات.

– تحلية المياه بتكلفة بيئية منخفضة

من أبرز مميزات هذا المشروع الطموح اعتماده الكامل على الطاقات المتجددة. فمن المقرر أن يتم تشغيل محطة التحلية باستخدام طاقة رياح بقدرة 150 ميغاوات، يتم إنتاجها في محطة العيون، ما سيقلص التكاليف الطاقية للمشروع، ويخفض انبعاثات الكربون المرتبطة بالإنتاج، في انسجام تام مع أهداف المغرب في مجال الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة.

هذا التزاوج بين تحلية المياه والطاقة النظيفة يرسّخ مكانة المغرب ضمن الدول الرائدة في اعتماد الحلول التقنية المتقدمة لتجاوز التحديات البيئية والمناخية.

– دعم مباشر للنسيج الاقتصادي بجهة سوس ماسة

جهة سوس ماسة، التي تحتضن المشروع، تُعد من بين أهم الأقطاب الفلاحية بالمملكة، إذ تمثل نسبة معتبرة من الصادرات الفلاحية الوطنية. وعليه، فإن تأمين مياه الري سيمكن من ضمان استمرارية الإنتاج الفلاحي، خصوصًا في سلاسل القيمة المرتبطة بالخضر والفواكه، والتي تُشكل ركيزة أساسية للتوازن الاقتصادي والاجتماعي بالمنطقة.

كما سيساهم هذا المشروع في تعزيز جاذبية المنطقة للاستثمار، من خلال توفير بنية تحتية مائية مستقرة، وتحفيز الابتكار في مجال الزراعة المستدامة والتقنيات المرتبطة بها.

– نحو نموذج مائي مستدام

يمثل هذا المشروع تحولًا مفاهيميًا في مقاربة تدبير الماء، إذ لم يعد يُنظر إلى المياه غير التقليدية كخيار احتياطي، بل كحل استراتيجي دائم. وهو ما يتماشى مع الخطة الوطنية للماء، التي وضعت ضمن أولوياتها تعميم محطات التحلية في المدن الساحلية، لضمان توازن العرض والطلب، والتخفيف من الاعتماد على السدود والمياه الجوفية.