ألفريدو كاليز ينتقد “استبعاد المكون العربي” من تاريخ إسبانيا.. ويصف الأمر بـ”الجرح الأكبر”

حجم الخط:

هبة بريس – شفيق عنوري

انتقد المصور الإسباني الشهير ألفريدو كاليز، استبعاد المكون العربي من التاريخ الإسباني، واصفاً الأمر بـ”الجرح الأكبر” ومؤكداً أن بلاده فوتت على نفسها فرصة أن تكون حلقة الوصل بين العرب وأوروبا.

وقال كاليز الذي يُعتبر أحد أبرز مصوّري الصحافة الإسبانية في حوار مع جريدة “إل كونفيدينثيال”، إن إسبانيا بنت صورة عن نفسها تعتبر فيها “الوجود العربي مجرد قوس لم يُدمج، عقبة في الطريق”.

ثمانية قرون ليست قوساً.. وكل علوم اليونان وصلت بأيدي عربية

وأضاف أنه من الصعب تصور أن الوجود العربي كان مجرد قوس، “ونحن نتحدث عن ثمانية قرون كاملة”، قبل أن يذهب إلى اعتبار أن جرح إسبانيا الأكبر هو “عدم استيعابنا للعنصر العربي”.

وأوضح أن هذا الأمر، أفقد إسبانيا “فرصة أن نكون حلقة وصل بين العرب وأوروبا، منبهاً إلى أن “كل المعرفة والعلوم التي انتقلت من اليونان القديمة إلى عصر النهضة مرّت عبر أيدي العرب”.

حي بن يقظان والفكر الأوروبي الحر

واسترسل كاليز: “لكننا، وهذا هو جرحنا التاريخي، لم ندمج ذلك في روايتنا. لم نُدرّس في مدارسنا من هو ابن رشد أو ابن حزم أو ابن طفيل، الطبيب الفيلسوف من وادي آش الذي كتب حي بن يقظان”.

ونبه في هذا الصدد إلى أن رواية حي بن يقظان، لم لو تكتب باللغة العربية، لكانت تعتبر “أصلًا من أصول الفكر الحر الأوروبي”، معتبراً أن هذا الأمر يعد “خسارة لنا ولأوروبا”.

وذهب المصور الإسباني إلى أبعد من ذلك، حين اعتبر أن أوروبا تدفع ثمن صعوبة الحوار مع المسلم اليوم، قبل أن يسلط الضوء على حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة.

وفي هذا السياق اعتبر كاليز أن “الإسلاموفوبيا بدرجاتها المختلفة تعيق تموضعنا إزاء القضية الفلسطينية، في حين أنه يجب أن يقال بوضوح: اليوم، عبر القضية الفلسطينية، لدينا جميعًا فرصة الدفاع عن الكرامة الإنسانية، لأنها على المحك: الانهيار الأخلاقي أو الاصطفاف بأجسادنا أمام مجزرة بحق شعب بأكمله”.

“المهووس” بكارثة أنوال.. ماذا كان يفعل الإسبان في الريف؟

وفي رده على سؤال الصحفي الذي استفسره عن وصفه لنفسه بـ”المهووس بكارثة أنوال”، وعن كيفية شرح هذا الأمر لطفل في الثامنة من عمره، قال كاليز: “أول ما يجب شرحه هو معنى الاستعمار، فهذا سيساعده على فهم ما وقع في حرب الريف”.

وأوضح المتحدث:ّ “يمكن أن أروي له: كان يا ما كان أناس يظنون أنفسهم أفضل من غيرهم ويعتقدون أن من حقهم احتلال أراضيهم ونهب مواردهم وتغيير عاداتهم بحجة مساعدتهم على التقدّم، واضعين أنفسهم نموذجًا للتقدّم، ومعاملينهم كالأطفال. هل هذا واضح؟”.

أنوال كارثة لإسبانيا ونعمة للمقاومة الريفية

واسترسل “بالنسبة لحرب الريف يمكن شرحها من خلال نقل هذه الممارسات إلى المجال العسكري. سيكون سهلًا أن نشرح له من هو الجنرال سيلفستري الذي يُعد المسؤول الأكبر عن الكارثة: عسكري بشارب متغطرس وجاهل، لكن أسباب ما نسميه “الكارثة” متعدّدة”.

وذكّر في هذا السياق إلى أن “ما كان بالنسبة لنا كارثة كان بالنسبة لقبائل الريف بداية تنظيم شاركت فيه العديد من القبائل في مواجهة الاحتلال الإسباني”، قبل أن يواصل: “لكن نعم، الجنرال سيلفستري كان يتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية، ومع اندلاع شرارة الثورة ضد الجيش الإسباني انهار كل شيء فجأة”.

المشاعر الوطنية تحجب المشاكل الحقيقية

واعتبر أن هذا الأمر “يبيّن أن الوضع كان هشًا أصلاً ومربوطًا بخيوط واهية عسكريًا؛ سوء تنظيم، فساد مهول، جهل بالمنطقة… لكن الأهم هو أن نسأل: ماذا كان يفعل هؤلاء الجنود في تلك الجبال؟ أي دافع وراء هذا التقدّم؟ مصالح أوليغارشيات اقتصادية؟ أم رغبة في تعويض إخفاقات كوبا والفلبين؟”.

وأكد كاليز أن الإسبان ظلوا طويلاً “أسرى المشاعر الوطنية التي يغذيها العسكريون، دائمًا يبدو أسهل أن ينفخ المرء صدره ويصرخ “الوطن” من أن يتوقف ليفكر كيف يحل المشاكل الحقيقية. واليوم، إذا تأملت، تجد شيئًا مشابهًا يحدث”، في إشارة إلى القضية الفلسطينية.